مقدمة
  ففي أي زمان أو مكان، ليلاً أو نهاراً، فصلِّ أيها المؤمن ما لم تخالف النصوص، مثل الأوقات المكروه الصلاة فيها، أو كثرة الصلاة أمام الناس في المساجد، لما قد يخالج البعض من الرياء أو السمعة أو العجب، فيحرم قطعاً وسيحرم فاعله الأجر، ويتحمل الوزر، ويحبط العمل والعياذ بالله السميع العليم، فيجب الانتباه والحرص والمراقبة، وليكن المسلم مع الله سبحانه وتعالى في كل وقت، ففي الحديث القدسي الشريف «أنا عند ظن عبدي بي وأنا معه إذا ذكرني» وقال تعالى: {وَأَقِمِ الصَّلاَةَ لِذِكْرِي}[طه: ١٤] وقال تعالى: {فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ وَاشْكُرُوا لِي وَلاَ تَكْفُرُونِ}[البقرة: ١٥٢] فلا سعادة ولامغنم ولا فوز أحسن من ذكر الله تعالى لعبده المؤمن، قال الله تعالى: {وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ}[العنكبوت: ٤٥] وقال: {أَمَّنْ يُجِيبُ الْمُضطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ}[النمل: ٦٢] وقال تعالى: {وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنّي فَإِنّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ}[البقرة: ١٨٦]، وقال تعالى في صفة عبادِه المتقين: {كَانُوا قَلِيلاً مِنَ اللَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ ١٧ وَبِالأَسْحَارِ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ}[الذاريات: ١٧ - ١٨].
  وفي الدر المنثور: عن ابن عباس في قوله تعالى: {كَانُوا قَلِيلاً مِنَ اللَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ} يقول: قليلاً ما كانوا ينامون، وفيه عن عبد الله بن رواحة: هجعوا قليلاً ثم مدوها إلى السحر.
  وفيه عن أنس قال: قال رسول الله ÷: «إن آخر الليل في التهجد أحب إليَّ من أوله لأن الله يقول: {وَبِالأَسْحَارِ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ}.
  وفي تفسير أبي الفداء: عن جابر بن عبدالله أن النبي ÷ قرأ {وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنّي فَإِنّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ ...}[البقرة: ١٨٦] الآية،