المبحث الثالث بين يدي شروح اللمع الأخرى
  فإن قلت: يجوز أن يكون هذا الاسم، في حالة الرفع والنصب معربا، وفي حالة الجر مبنيا؛ لأن المعرب قد يعود مبنيا، هذا كما تقول في قولك: يا زيد؛ وذلك لأن (زيدا) معرب، ثم يطرأ عليه ما يبنيه، فكذلك أيضا، جاز أن يكون هاهنا في حالة الرفع والنصب معربا، وفي الجر يعود مبنيا.
  الجواب: قلنا ليس كذلك: وذلك لأن في المنادى، إنما بني لأنه وقع موقع المضمر فبني وها هنا لم يقع موقع المضمر، فلم يبن)(١).
  ألا ترى كم ذكر من العلل، أو أتى به من المحاورة، حتى يصل بنا إلى أن الفتحة في (مررت بأحمد) فتحة إعراب لا بناء؟!.
  لقد وصل بنا إلى ذلك خلال الأمور أو التعليلات الآتية:
  ١. إن (أحمد) اسم على وزن الفعل.
  ٢. ما كان على وزن الفعل فهو يشبه الفعل.
  ٣. ما أشبه الفعل يعرب ولا يبنى.
  ٤. أشكل على نفسه؛ إذ من المعرب ما يعود مبنيا، كالمنادى، نحو (يا زيد).
  ٥. دفع الإشكال بأن (زيدا) في المنادى يقع موقع المضمر؛ إذ التقدير يا أنت(٢).
  ٦. أحمد في (مررت بأحمد) لا يقع موقع الضمير(٣)، فلا يبنى وهذا النهج من ذكر العلل التعليمية المتعددة للمسألة الواحدة، أو الأسلوب من (الفنقلة) نجده ماثلا وجاريا على جميع موضوعات شرحه.
المبحث الثالث بين يدي شروح اللمع الأخرى
  حظي كتاب اللمع في العربية، لابن جني، بانتشار واسع لما تميز به من سهولة العبارة، واتباع المنهج التعليمي في: ترتيب الأبواب، وتهذيب القواعد، واختيار الشواهد، والإحاطة في إيراد الأمثلة، والعناية بالمصطلح النحوي إلى غير ذلك من السمات التي جعلت الناشئة والمتعلمين يقبلون عليه إقبالا شديدا؛ بدليل كثرة شروحه، واقتباس العلماء اسمه عنوانا لمؤلفاتهم في شتى فروع المعرفة، فهناك اللمع في الفقه، واللمع في التصوف، واللمع في الأصول(٤).
  ومن أجل هذه المكانة التي احتلها كتاب اللمع في الدرس النحوي، فقد عني علماء النحو بشرحه، كل بحسب ما أوتي من حكمة هذا العلم؛ فجاءت شروحهم مختلفة في البسط والإيجاز، والعمق إلى غير ذلك من الفوارق، حتى بلغت عشرين شرحا ونيفا.
(١) شرح اللمع لجامع العلوم ٣٣٣.
(٢) شرح اللمع لجامع العلوم ٢٨٤.
(٣) لأنه في جملة خبرية، فلا يصح: مررت ب (هو).
(٤) كشف الظنون ٢: ١٥٦١ - ١٥٦٦.