المبحث الثالث بين يدي شروح اللمع الأخرى
  وفيما يأتي تقويم لما وقع بين يدي من شروح اطلعت عليها، بعضها طبع وبعضها حقق ولم يطبع، وبعضها لما يزل مخطوطا، وغايتي من هذه الموازنة، هو أن يرى الدارس، أو القارئ مكانة شرح اللمع لجامع العلوم، وقد مر عليه بين تلك الشروح واهتمام العلماء بلمع ابن جني، ورأيت أن أتناولها بحسب تسلسلها التاريخي.
  ١ - شرح اللمع، المسمى ب (الفوائد والقواعد)(١)، لعمر بن ثابت الثمانيني المتوفى سنة (٤٤٢ هـ).
  لقد اتبع الثمانيني في شرح اللمع المنهج الآتي:
  أ - شرح اللمع شرحا حرا، إذ أخذ من ابن جني العنوان فقط، ثم بدأ يشرح مضمون كلام ابن جني، وما نقل، مع طول شرحه، نصا واحدا قط من اللمع.
  ب - اعتمد على كتاب سيبويه خاصة، وأكثر النقل عنه، والإفادة منه، وأحيانا أخرى يكتفي بالأفكار التي يتحدث عنها سيبويه.
  فمثال النص، قوله: (قال صاحب الكتاب: المبتدأ كل اسم ابتدأته)(٢)، و (إنّ" قلت" وقعت في كلام العرب على أن يحكى بها)(٣).
  وقد جعل الثمانيني (على أن يحكى): ليحكى(٤).
  وقال أيضا في باب البناء على الضم والكسر والفتح في الاسم والفعل والحرف: (وهم لا يجمعون بين ساكنين إلا إذا كان الأول حرف لين والثاني مشددا)(٥).
  فإن نصه في كتاب سيبويه(٦): (هذا باب اختلاف العرب في تحريك الآخر لأنه لا يستقيم أن يسكن هو والأول من غير أهل الحجاز).
  فإن الناظر في شرح الثمانيني، وكتاب سيبويه، يدرك تماما مدى اعتماد الثمانيني على أفكار سيبويه، يقول
  الثمانيني: (فأما قولهم في الفعل: مد، وعض، فهذا عارض؛ لأنه في الأمر خاصة)(٧).
  ويقول سيبويه: (اعلم أن منهم من يحرك الآخر كتحريك ما قبله، فإن كان مفتوحا فتحوه، وإن كان مضموما ضموه، وإن كان مكسورا كسروه، وذلك قولك: رد، وعض، وفر يا فتى)(٨).
  فمثل ب (مد، وعض) كما مثل سيبويه ب (رد، وعض).
  وقال: هذا في الأمر خاصة، كما قال سيبويه: وفر يا فتى، إذ عنى به الأمر خاصة أيضا.
  ولم يحظ غير هذا الكتاب عنده بشيء، وإنما كان يكتفي بذكر بعض الآراء منسوبة إلى أصحابها، وكثيرا ما كان يكتفي بقوله: قال بعضهم، وقال بعض النحويين، وقال قوم؛ مما يؤدي
(١) الفوائد والقواعد، رسالة دكتوراه، قدمها عبد الوهاب محمود الكحلة، إلى كلية التربية في جامعة الموصل، ١٤١٥ هـ - ١٩٩٥ م.
(٢) نفسه ١٥٦.
(٣) الكتاب ١: ١٢٢.
(٤) الفوائد والقواعد ١.
(٥) نفسه ١٨.
(٦) الكتاب ٣: ٥٣٢.
(٧) الفوائد والقواعد ١٨.
(٨) الكتاب ٣: ٥٣٢.