المبحث الثالث بين يدي شروح اللمع الأخرى
  ذلك إلى عسر الوقوف على تلك الآراء عند ذلك (البعض)، أو أولئك القوم(١).
  ج - يتحدث، وفي ذهنه، كأنه يتحدث إلى المتعلمين، إذ كان منهجه يمتاز بتقسيم المسائل النحوية، وضرب الأمثلة، وسهولة العبارة، ووضوح المراد؛ ولا يغمض في كلامه إلا نادرا.
  والإطناب سمة من سمات أسلوبه، فكان يشبع المسألة النحوية إحاطة وإيضاحا عن طريق افتراض السؤال، ثم الإجابة عليه، ومن باب التمثيل على ذلك؛ قال في باب (حتى): «فإن قيل: إذا كانت (إلى) تقوم مقام (حتى) وهي أمكن منها في الغاية، و (الواو) تقوم مقام (حتى) وهي أمكن منها في العطف. و (إنما) تقوم مقام (حتى) وهي أمكن في قطع الجمل التي بعدها؛ فهلا استغنوا عن (حتى) واطرحوها؟!
  قيل له: إن (حتى) لها معنى في نفسها لا تدل عليه الحروف، وإنما جاءت (حتى) لذلك المعنى خاصة، وهو دلالتها على قوة ما بعدها، أو ضعفه، أو تحقيره، أو تعظيمه، ألا تراهم يقولون: (قدم الحاج حتى المشاة) فيدلون على ضعف المشاة، ويقولون: (مات الناس حتى الأنبياء) ليدلوا على تعظيم الأمر، ويقولون: (ظلم السلطان الناس حتى الصالحين) فيدلون على تعظيم الأمر، فهذا المعنى الذي تختص به (حتى) وجاءت لأجله»(٢).
  د - الشاهد النحوي: أكثر الثمانيني في شرحه، من الشاهد القرآني، وكان هو المقدم عنده، ثم الشاهد الشعري، إذ دار في كتابه أغلب ما دار في مصنفات النحويين قبله، فاستشهد بكثير من الشعر، يلي ذلك أمثال العرب وأقوالهم، وقل استشهاده بالحديث النبوي الشريف.
  ه - التعليل: علل الثمانيني الظواهر النحوية بعللها المعروفة، وربما علل بأكثر من علة للظاهرة النحوية.
  وجل تلك العلل هي العلل التعليمية، ولا يركب متن العلل الجدلية إلا نادرا منها تعليله في حمل الجر على النصب في مالا ينصرف في نحو «مررت بأحمد» حيث قال: «ولما حذفوا الجر جعلوه تابعا للنصب لأنهما أخوان ويتقاربان»(٣).
  و - لهجات العرب: يتعرض الثمانيني في أثناء مباحثه النحوية، إلى لهجات العرب، ويسميها (لغات)، فإذا ما استشهد لواحدة من تلك اللهجات، قال: هذه لغة طيئ، أو لغة سليم، أو لغة عكل.
  ومن الأمثلة على ذلك قوله في لزوم الألف المثنى في الأحوال الثلاثة، نحو (أحب منها الأنف والعينانا)، إنها لغة بني العنبر، وبني الهجيم، وبني الحارث(٤).
  وكان يعرض إلى نقد تلك اللهجات، فيقول: (وغير تلك القبائل التي ذكرناها من العرب أفصح منهم)(٥)، أو هي لغة قليلة لا يعتد بها(٦).
(١) الفوائد والقواعد ٥، ٩٧.
(٢) الفوائد والقواعد ٩٨.
(٣) نفسه ٢٢.
(٤) نفسه ٣٥.
(٥) الفوائد والقواعد ٣٥.
(٦) نفسه ١٦٩.