كتاب شرح اللمع في النحو،

ابن جني (المتوفى: 392 هـ)

باب المفعول معه

صفحة 201 - الجزء 1

  وكذلك بيت حاتم:

  ١٧٧ - وأغفر عوراء الكريم، ... ادخاره ... (⁣١)

  حجة عليه.

  [فإن قلت]: أكثر ما في هذا أن المصدر [٧١ / أ] مضاف والإضافة قد يجوز أن يكون في تقدير الانفصال، كما هو في اسم الفاعل، نحو قوله: {مالِكِ يَوْمِ الدِّينِ} (٤)⁣(⁣٢) وقوله: {عارِضٌ مُمْطِرُنا}⁣(⁣٣). وقوله: {ثانِيَ عِطْفِهِ}⁣(⁣٤) [الجواب]: أنّ هذا في اسم الفاعل جائز. ولا يجوز في المصدر؛ لأن اسم الفاعل يجري على الفعل، ويشبهه في حركاته، وسكناته. فالإضافة فيه، إذا كان بمعنى الحال أو الاستقبال في تقدير الانفصال. فأما المصدر، وإن كان يعمل بشبه الفعل؛ فإنه اسم غير جار على الفعل، لا في حركاته، ولا في سكناته. ثم هذا الكلام لا يصح من أبي عمر؛ لأنه قد [قال الشاعر]:

  ١٧٨ - فليت لي بهم قوما إذا ركبوا ... شدوا الإغارة، فرسانا، وركبانا⁣(⁣٥)

  فنصب الإغارة؛ لأنه مفعول له. وهو معرفة. ولا يكون منصوبا بشدوا؛ لأن (شدوا) لازم. ومعناه: وثبوا. كقوله:

  ١٧٩ - وأنذر إن لقيت بأن أشدّا ... ... (⁣٦)

  فافهمه.

  والمفعول له، وإن كان مصدرا؛ فإنه لا يجوز أن يقوم مقام الفاعل، كما جاز ذلك في سائر المصادر. لا تقول: جيء ابتغاء الخير. كما تقول: سير عليه سير شديد والأخفش يجيز ذلك.

  وليس بالسهل؛ لقلة تصرف هذا الباب؛ فلا يجوز قياسه على سائر المصادر، ولا على الظروف؛ لأن الظروف قد اتّسع فيها. وأجيز فيها ما لا يجوز في الأسماء الصريحة. ألا ترى أنه فصل بها بين العامل، والمعمول في نحو قولهم: كان فيك زيد راغبا. وإن في الدار زيدا. وقالوا: كلّ يوم لك ثوب.

باب المفعول معه

  [قال أبو الفتح]: وهو: كلّ ما فعلت معه فعلا. وذلك نحو قولك: قمت وزيدا. أي: مع زيد. واستوى الماء والخشبة. أي: مع الخشبة وجاء البرد والطيالسة. أي: مع الطيالسة. وما زلت أسير والنيل. أي مع النيل. ولو تركت الناقة وفصيلها لرضعها. إي: مع فصيلها.

  [قلت]: الواو في قولك: قمت وزيدا. وقولك: ما صنعت وأباك: هي التي جاءت،


(١) صدر البيت من الطويل، سبق ذكره رقم (١٧٦)

(٢) ١: سورة الفاتحة ٤.

(٣) ٤٦: سورة الأحقاف ٢٤.

(٤) ٢٢: سورة الحج ٩.

(٥) البيت من البسيط، لقريط بن أنيف العنبري، في: ديوان الحماسة ١: ٥، واللسان (ركب) ١: ٤٢٩، والخزانة ٦: ٢٥٣.

(٦) البيت من الوافر، لم أهتد إلى قائله.