باب الحال
  تامة، وليست بناقصة. لأن سيبويه قال: ولو قلت: عبد الله، القئم، على إضمار كان، لم يجز(١) لأن (كان) الناقصة، لا يجوز إضمارها. والتامة يجوز إضمارها، لأنه كسائر الأفعال. فلما جاز: {فَآمِنُوا خَيْراً لَكُمْ}(٢) على إضمار: ائتوا خيرا لكم. فكذا، هاهنا. لأنه بمنزلته. وكذا: أكثر شربي السويق، ملتوتا. أكثر: مبتدأ، وهو مضاف إلى (شربي)، وهو بعضه. والسويق: منصوب ب (شربي). وملتوتا: حال، بمنزلة (قائم) في المسألة المتقدمة. وتقديره: أكثر شربي السويق، كائن إذ كان ملتوتا.
  وأخطب ما يكون الأمير، قائما. تقديره: أخطب كون الأمير، قائما. ف (أخطب) أفعل، وهو: مبتدأ، وما يكون في تقدير المصدر. والأمير: رفع ب (يكون) و (قائما): حال، على التقدير المتقدم. وتقديره: أخطب كون الأمير كائن، إذ كان قائما. وحال الأمير، لا يكون أخطبه قائما، إلا على سبيل المجاز، وإقامة العرض، مقام العين. كما قالوا: شعر شاعر، وموت مائت. وقالوا: نهاره صائم، وليله قائم.
  وقولهم: هذا، بسرا، أطيب منه، تمرا. تقديره: هذا، إذ كان بسرا، أطيب منه، إذ كان تمرا.
  لا بد من هذا التقدير، ليصح انتصاب الاسمين عن ضميرين في كل واحد، من فعلين، على التقدير المتقدم. والعامل في الظرف الثاني: أطيب. وفي الظرف الأول، اضطرب فيه كلام أبي علي(٣).
  والذي استقر عليه، أخيرا، هو: أن الظرف الأول، هو شيء، من جهة المعنى، لا من جهة اللفظ، فتعمل هذا في بسر، لأنا لو أعملناه في الظرف، احتجنا إلى شيء نعمله في بسر، وليس معنا ذلك.
  فأما قوله تعالى: {وَالْأَرْضُ جَمِيعاً قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيامَةِ} فالأرض: مبتدأ وقبضته: مبتدأ ثان ... وجميعا: في تقدير: إذا يكون جميعا سد مسد خبر قبضته. والجملة: خبر الأرض. ويجوز: أن يكون، والأرض جميعا ذات قبضته. أي: والأرض ذات قبضته، مجتمعة. فيعمل في الحال معنى الكلام، كما جوّز، البر أرخص ما يكون، قفيزان. وقول الشاعر:
  الحرب أوّل ما تكون [٧٥ / ب] فتيّة ... ... (٤)
  فالحرب: مبتدأ. وأول ما تكون: مبتدأ ثان. وفتية: حال، على التقدير المتقدم. أي: الحرب أول كونه، كائن إذ كان فتية. ويجوز: الحرب أول ما تكون فتية. برفع (فتية) على خبر الحرب.
  ونصب: أول ما، على الظرف. على تقدير: الحرب فتية في أول أحواله، وكونه. ويجوز نصبهما، على تقدير: الحرب في أول أحواله كائن إذ كان فتية. فتنصب: أول: على الظرف. وفتية: حال، سد مسد الخبر. ويجوز رفعهما، على أن تكون: الحرب: مبتدأ. و: أول ما تكون: مبتدأ ثان.
(١) الكتاب ١: ٢٤٦، وفيه: (ولا يجوز لك أن تقول: عبد الله المقتول، وأنت تريد: كان عبد الله المقتول، لأنه ليس فعلا يصل من شيء إلى شيء، ولأنك لست تشير له إلى أحد).
(٢) ٤: سورة النساء ١٧٠.
(٣) المقتصد ١: ٦٨١.
(٤) صدر بيت من الكامل، سبق ذكره برقم (١٨٧).