كتاب شرح اللمع في النحو،

ابن جني (المتوفى: 392 هـ)

باب البدل

صفحة 256 - الجزء 1

  وقولهم: جمعاء، لا يدل على أنه مثل: أحمر، وحمراء، لأن (جمعاء) كالطرفاء، والقصباء، والحلفاء.

  و (جمع) لا ينصرف، أيضا لأنه معرفة وهو معدول عن (جماعى) لأن (جمعاء) اسم كصحراء فيجمع على: صحارى. فلما عدل عن (جماعى) إلى (جمع) وكان معرفة، لم ينصرف.

  وسنرى ذلك، إن شاء الله. ف (أجمع) ليس بصفة، ك (أجمعين). كما أن (الأعجمين) في قوله تعالى: {وَلَوْ نَزَّلْناهُ عَلى بَعْضِ الْأَعْجَمِينَ} (١٩٨)⁣(⁣١)، ليس بجمع (أعجم) إنما جمع أعجم: عجم.

  مثل: أحمر، وحمر. ف (أعجمون) جمع أعجميّ. جمع بالواو، والنون. مثل (إلياسين) في جمع (إلياس) في قوله تعالى: {سَلامٌ عَلى إِلْ ياسِينَ} (١٣٠)⁣(⁣٢)، ومقتوين. [قال الشاعر]:

  ٢٥٤ - تهدّدنا، وتوعدنا. رويدا ... متى كنّا، لأمّك مقتوينا⁣(⁣٣)

  ف (مقتوين) جمع: مقتويّ، شاذ عن القياس، لأنه كان ينبغي أن يقال: مقتون، لأنه: مقتى، ومقتون. وهو من: اقتوى، يقتوي. ووزن (اقتوى): افعلّ، وليس: افتعل، من قوي، إنما هو من القتو. وأصله: اقتووا. إلا أن الواو الأخيرة، قلبت ياءا، لوقوعها خامسة. فنظير اقتوى: ارعوى.

  لأن ارعوى [افعلّ]⁣(⁣٤) وهو لازم، وليس بمتعد. [قال الشاعر]:

  ٢٥٥ - ... ... فإنّي، خليلا صالحا، بك مقتوي⁣(⁣٥)

  لا ينتصب (خليلا) بمقتو، لأنه لازم، وإنما ينتصب بمضمر. أي: متخذ خليلا، أو متبدل خليلا بك، فأضمره، لأنه مفهوم.

باب البدل

  [قال أبو الفتح]: اعلم أن البدل يجري مجرى التوكيد، في التحقيق، والتشديد، ومجرى الوصف في الإيضاح، والتخصيص.

  [قلت]: نعم. البدل، كما قال في الإيضاح، والتخصيص، كالصفة. ولكن يفارقه في باب العامل. لأن العامل مكرر في البدل. والبدل، في التقدير، من جملة أخرى [١٠٢ / أ]، بخلاف الوصف، لأن العامل، في الصفة، هو العامل في الموصوف. وفي البدل، ليس كذلك. قال تعالى: {قالَ الْمَلَأُ الَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا مِنْ قَوْمِهِ لِلَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا لِمَنْ آمَنَ مِنْهُمْ}⁣(⁣٦). فقوله: (من آمن)، بدل: (للذّين). وكرر اللام، وأعادها، فيكون في المرفوع، والمنصوب كذلك.


(١) ٢٦: سورة الشعراء ١٩٨.

(٢) ٣٧: سورة الصافات ١٣٠.

(٣) البيت من الوافر، لعمرو بن كلثوم. في: المعلقات السبع ٢٥٠، واللسان (قوا) ١٥: ١٦٩، والخزانة ٧: ٤٢٧، ٤٢٨، ٨: ٨٠، ٨١.

(٤) الأصل غير واضح.

(٥) البيت من الطويل، ليزيد بن الحكم الثقفي، وصدره:

تبدل خليلا بي كشكلك شكله ...

وهو في: الخزانة ٣: ١٣٣.

(٦) ٧: سورة الأعراف ٧٥.