كتاب شرح اللمع في النحو،

ابن جني (المتوفى: 392 هـ)

باب البدل

صفحة 259 - الجزء 1

  [قال الشاعر]:

  ٢٥٨ - إنّا وجدنا بني جلّان كلّهم ... كساعد الضّبّ، لا طول، ولا قصر⁣(⁣١)

  فأبدل (طولا) مما قبله، وهو على غير لفظه. والأول معرفة، والثاني نكرة.

  [وقال الشاعر]:

  ٢٥٩ - فلا وأبيك، خير منك، إنّي ... ليؤذيني التّحمحم، والصّهيل⁣(⁣٢)

  فأبدل (خير منك) وهو على غير لفظ (أبيك) منه، فبطل قول الكوفي.

  [قال أبو الفتح]: وبدل المعرفة من النكرة: مررت برجل، زيد. وبدل النكرة من المعرفة: ضربت زيدا، رجلا.

  وبدل المظهر من المضمر: مررت به، أبي محمد. [قال الفرزدق]:

  ٢٦٠ - على حالة، لو أنّ في القوم حاتما ... على جوده، لضنّ بالماء حاتم⁣(⁣٣)

  جرّ (حاتما) لأنه بدل من الهاء في (جوده).

  قوله: مررت به، أبي محمد، أجمعوا على جوازه. ولو قلت: مررت بك، أبي محمد، أو: مررت بي، أبي محمد، لم يجز، لأن الإبدال، أعني: إبدال الشيء من الشيء، وهما لمعنى واحد في باب المتكلم، والمخاطب، ممتنع، لغاية وضوحه، وبيانه، بخلاف ضمير الغائب، لأنه يقع فيه اللبس. وإذا كان كذلك، فقوله تعالى: {لَيَجْمَعَنَّكُمْ إِلى يَوْمِ الْقِيامَةِ لا رَيْبَ فِيهِ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ}⁣(⁣٤): لا يكون (الذين) بدلا من الكاف والميم في (ليجمعنّكم) لما ذكرنا. [فإن قلت]: فقد أنشد الفراء:

  ٢٦١ - فلأحشأنّك مشقصا أوسا، ... أويس من الهباله⁣(⁣٥)

  فنصب (أوسا) على البدل من الكاف. [وقال الشاعر]:

  ٢٦٢ - ذريني، إنّ أمرك لن يطاعا ... وما ألفيتني، حلمي مضاعا⁣(⁣٦)


(١) البيت من البسيط، لم أهتد إلى قائله.

(٢) البيت من الوافر، لشمير بن الحارث الضبي، في: نوادر أبي زيد ١٢٤، والخزانة ٥: ١٧٩، ١٨٠، ١٨٤، ١٨٦، ١٨٧. وبلا نسبة في: المقرب ٥٢.

(٣) البيت من الطويل، في: ديوانه ٢: ٥٤٠، وفيه:

على ساعة لو كان في القوم حاتم ... على جوده، ضنت به نفس حاتم

وعلى هذه الرواية لا شاهد فيه، واللسان (حتم) ١٢: ١١٥، وبلا نسبة في: شرح شذور الذهب ٢٤٥.

(٤) ٦: سورة الأنعام ١٢.

(٥) البيت من مجزوء الكامل، بلا نسبة في: اللسان (هيل) ١١: ٦٨٧.

حشأه سهما: رماه، وأويس: مصغر أوس، وهو: الذئب، وأويس: منادى، الهبالة: اسم ناقة لأسماء بن خارجة.

(٦) البيت من الوافر، لعدي بن زيد العبادى، في: ديوانه ٣٥، ومعاني القرآن - للفراء ٢: ٤٢٤، ولرجل من خثعم أو بجيلة. في: الكتاب ١: ١٥٦، والتحصيل ١٢٤. وبلا نسبة في: ابن يعيش ٣: ٦٥، وابن عقيل ٢: ٢٥١.