كتاب شرح اللمع في النحو،

ابن جني (المتوفى: 392 هـ)

باب حروف الجزم

صفحة 302 - الجزء 1

  ٣٠٤ - فمتى واغل ينبهم يحيّو ... هـ ويعطف عليه كأس السّاقي⁣(⁣١)

  التقدير: متى ينبهم واغل يحيوه. فينبهم: شرط، وفصل بينه، وبين متى بواغل، للضرورة.

  وليس في (إن) ضرورة، لمجيئه في التنزيل. فعلم أنه أمّ الباب، وهو على أربعة أقسام:

  [الأول]: أن يكون للشرط، كما ذكرنا.

  [الثاني]: أن يكون مخففة من (إنّ) الثقيلة. وذلك، كقراءة من قرأ: {وَإِنَّ كُلًّا}⁣(⁣٢). بتخفيف (إنّ) ونصب (كل). والتقدير: وإنّ كلا. وبهذه، أعني المخففة من (إنّ) الثقيلة، إذا دخلت على الاسم، جاز أن تعمل فيها، وجاز أن يبطل عمله. تقول: إنّ زيدا لقائم، وإن زيد لقائم. وقد تدخل هذه على الفعل، كقوله تعالى: {وَإِنْ وَجَدْنا أَكْثَرَهُمْ لَفاسِقِينَ}⁣(⁣٣)، وقوله: {إِنْ كُنَّا عَنْ عِبادَتِكُمْ لَغافِلِينَ}⁣(⁣٤)، وقوله: {وَإِنْ كانُوا لَيَقُولُونَ ١٦٧ لَوْ أَنَّ عِنْدَنا ذِكْراً مِنَ الْأَوَّلِينَ} (١٦٨)⁣(⁣٥)، على تقدير: وإنّهم كانوا ليقولون لو أنّ عندنا، وإنّا وجدنا أكثرهم لفاسقين، وإنّا كنا عن عبادتكم لغافلين.

  وهذا تقدير النحاة أجمعين، سوى فارسهم⁣(⁣٦)، فإنه زعم: أنه لا إضمار بعد (إن) لأنهم أرادوا تأكيد الفعل، كما أرادوا ب (إنّ) تأكيد الاسم. فلم يمكنهم تأكيد الفعل ب (إنّ) المشددة؛ لأنها تشبه الفعل؛ والفعل لا يلي [١٢٦ / أ) الفعل. فخففت حيث أريد تأكيد الفعل. فليس هناك إضمار بتة. فلا بد ل (اللام) من أن يكون معها ليكون التأكيد.

  [الثالث]: أن يكون (إن) بمعنى (ما) النافية، كقوله تعالى {إِنِ الْكافِرُونَ إِلَّا فِي غُرُورٍ}⁣(⁣٧)؛ أي: ما الكافرون إلا في غرور. وإذا كان كذلك فلا بد من (إلا) في خبرها؛ ليتبين هذا المعنى. فإن لم يكن (إلا) في خبرها، كانت مخففة من الثقيلة، لتأكيد الكلام، كقوله: {وَإِنْ كانُوا لَيَقُولُونَ} (١٦٧)⁣(⁣٨)، ولا يكون بمعنى (ما) البتة.

  [الرابع]: أن تكون (إن) زائدة. [قال الشاعر]:

  ٣٠٥ - وما إن طبّنا جبن، ولكن ... منايايا، ودولة آخرينا⁣(⁣٩)


(١) البيت من الخفيف، لعدي بن زيد العبادي، في: ديوانه ١٥٦، والكتاب ٣: ١١٣، والتحصيل ٤٢٢، والإنصاف ٢: ٦١٧، والخزانة ٣: ٤٦، ٩: ٣٧، ٣٩.

وبلا نسبة في: المقتضب ٢: ٧٦، وابن يعيش ٩: ١٠.

(٢) ١١: سورة هود ١١١. وينظر: ص ١٢٤، هامش (٢).

(٣) ٧: سورة الأعراف ١٠٢.

(٤) ١٠: سورة يونس ٢٩.

(٥) ٣٧: سورة الصافات ١٦٧، ١٦٨.

(٦) المغني ١: ٢٣٣، وفيه: (قال أبو الفتح: قال لي أبو علي: ظننت أن فلانا نحوي محسن، حتى سمعته يقول: إنّ اللام التي تصحب (إن) الخفيفة هي لام الابتداء. فقلت له: أكثر نحويي بغداد على هذا).

(٧) ٦٧: سورة الملك ٢٠.

(٨) ٣٧: سورة الصافات ١٦٧.

(٩) البيت من الوافر، لفروة بن مسيك، الصحابي، في: سيرة ابن هشام ٤: ٢٢٨، والخزانة ٤: ١١٢، ١١٥، ١١: ١٤١، ١٨.

وبلا نسبة في: الكتاب ٣: ١٥٣، ٤: ٢٢١، والتحصيل ٤٢٥، والمقتضب ١: ٥١، والخصائص: ١٠٨، وابن يعيش ٥: ١٠، والمغني ١: ٢٥، وهمع الهوامع: ٢: ١١١.