كتاب شرح اللمع في النحو،

ابن جني (المتوفى: 392 هـ)

باب جمع التأنيث

صفحة 103 - الجزء 1

  أحسن من الجمع بين الألف، والفتحة، والواو، والكسرة.

باب جمع التأنيث

  اعلم أن الاسم المؤنث، على ثلاثة أضرب: مؤنث بالتاء، ومؤنث بالألف المقصورة، ومؤنث بالألف الممدودة. فما كان من ذلك مؤنثا بالتاء، فنحو: مسلمة، وعمة، تقول في جمعه: مسلمات، وعمات. والأصل: مسلمتات، وعمّتات.

  فحذفت التاء الأولى، كي لا تجتمع في الاسم الواحد علامتا تأنيث، ولأنها لو أثبتت لكان علامة التأنيث حشوا. وهي لا تكون إلا طرفا. ألا ترى أن من قال علقاة، لم يحكم على ألفها بألف التأنيث، كما حكم عليها في علقى، لأن علامة التأنيث، لا تقع، حشوا. وهذه التاء تكون في الرفع مضمومة، وفي النصب والجر مكسورة. تقول: هذه مسلمات، ورأيت مسلمات، ومررت بمسلمات. قال الله تعالى: {إِنَّ اللهَ يُمْسِكُ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ} [٢٢ / أ] {أَنْ تَزُولا}⁣(⁣١). وإنما كسرت في موضع النصب، ولم تفتح، لأن هذا جمع سلامة المؤنث. والمؤنث فرع للمذكر. وقد أثبتنا بالدليل، قبل، أن المذكر يستوي نصبه، وجره، إذا قلت: رأيت الزيدين، ومررت بالزيدين، فالمؤنث تابع له، وسوي بين نصبه، وجره، بأن كسرت التاء منه. والكسرة بعض الياء. والتنوين التي بعد الكسرة، والضمة، هاهنا، بمنزلة النون هناك. ألا ترى أن: عرفات، من قوله تعالى: {فَإِذا أَفَضْتُمْ مِنْ عَرَفاتٍ}⁣(⁣٢): اسم، مؤنث، معرفة يجب ترك صرفها، ولم يصرف، والتنوين التي فيها، ليست التنوين التي للفرق بين الصرف، وتركه، وإنما هو بإزاء النون.

  [فإن قلت]: وكيف تدّعون هذا، وأنتم تقولون: للمسلمات، فتحذفون التنوين مع الألف، واللام، ولا يجوز حذف النون معهما، ألا ترى إنكم تقولون: المسلمون. فكيف يكون التنوين بإزاء النون؟! [قلت]: إن التنوين بإزاء النون، وإنما حذفت لسكونها. فهي مشابهة بالتنوين الذي للفرق بين الصرف، وتركه. فأما النون، فثبتت مع الألف، واللام، لأنها تحركت، لالتقاء الساكنين، فتحرّكها قواها، فلم تتسلط المعرفة على حذفها. فالتنوين هناك، كالنون. فأما إذا سميت بمسلمات، قلت: هذه مسلمات، ورأيت مسلمات، ومررت بمسلمات، فتكسر التاء، وتبقي التنوين، كعرفات. ومنهم من يفتح التاء في النصب، والجر، فيحذف التنوين، فيقول: رأيت مسلمات، ومررت بمسلمات، وقد رووا [قول امرئ القيس]:

  تنوّرتها من أذرعات، وأهلها ... بيثرب، أدنى دارها، نظر عالي⁣(⁣٣)

  ومنهم من يكسر التاء، ويترك التنوين. وهو قول أبي إسحاق⁣(⁣٤)، والمبرد⁣(⁣٥). وليس بالصواب. والوجه: الفتح مع ترك التنوين. قال، لأنه كطلحة. ولا اعتداد


(١) ٣٥: سورة فاطر ٤١.

(٢) ٢: سورة البقرة ١٩٨.

(٣) البيت من الطويل، في ديوانه ٣١.

(٤) أي: الزجاج.

(٥) المقتضب ٣: ٣٣٣، ٤: ٣٨.