باب المبتدأ
  ماض، وقد مضى زمان وجوده وزمان إخباره الآن. وفعل: زمان إخباره الآن، وزمان وجوده لم يأت بعد، وهو المستقبل. وفعل: زمان إخباره، وزمان وجوده الآن، وهو الحال. وقد قال سيبويه: (وأما الفعل، فأمثلة أخذت من لفظ أحداث الأسماء). فبنيت لما مضى، ولما يأتي، ولما هو كائن لم ينقطع) فهذا هو الحال. ثم ذكر للماضي، ما يحسن اقتران أمس به، كقولك: قام زيد أمس(١). وقد ذكرنا أنه لم بني على الحركة، ولم اختير الفتح؟. وأما يفعل، فيصلح للحال، والاستقبال جميعا، إذا قلت: زيد يفعل، فهذا صالح لهما. فإذا أردت تخصيصه بالمستقبل، جئت بالسين، وسوف، فيختص بالمستقبل. وإذا أردت تخصيصه بالحال، قرنت به الآن، فقلت: هو يفعل الآن. وإذا تجرد عن هذه الأشياء، فقد اختلفوا بأي القبيلين أولى. والصحيح أنه بالحال أولى، حتى إنه لو قال: كل مملوك أملكه، فهو حر، فإنه يحمل على ما في ملكه في الحال، دون الاستقبال. وقد ذكرنا ذلك في موضع [٢٤ / أ] آخر.
  فأما لفظ الأمر، فإنه مبني على الوقف(٢). وهو أيضا متردد، بين الحال، والاستقبال، نحو: اذهب. وأما النهي فمجزوم، لما في أوله من حرف المضارع. وسيأتيك أيضا شرحه، في بابه، بأكثر مما تقدم.
باب المبتدأ
  [قال أبو الفتح]: وهو كل اسم ابتدأته، وعرّيته من العوامل اللفظية، وعرّضته لها، وجعلته أولا لثان، يكون الثاني خبرا عن الأول، مسندا إليه، وهو مرفوع بالابتداء. تقول: زيد قائم، ومحمد منطلق، فزيد، ومحمد مرفوعان بالابتداء، وما بعدهما خبر عنهما.
  قلت: شرط في هذا شروطا. أعني في رفع المبتدأ. وهو: تعرية الاسم من العوامل اللفظية، وتعريتك له. وجعلك إياه أولا لثان. فقولك: زيد منطلق. زيد مرفوع بالابتداء، لأنه معرى من العوامل. وهي: باب كان، وإنّ، وظننت. وهو معرّض لهذه العوامل، لأنك لو قلت: إن زيدا قائم.
  وكان زيد قائما، وظننت زيدا قائما، صلح، وجاز: وزيد أول قولك: منطلق. ومنطلق حديث عنه، حتى إنك، لو قلت: زيدا ضربت، لم يرتفع زيد بالابتداء، لأنه وإن كان أولا، لقولك: ضربت، فليس هو مسندا إليه، فإذا جئت بضميره، فقلت: زيد ضربته، فحينئذ ارتفع زيد بالابتداء، لأن ضميره في الجملة التي بعده، ربط الجملة به وصيرها خبرا عنه، ومسندا إليه.
  فإن قلت: إن تعرية الاسم من العوامل اللفظية شيء معدوم، وهو عدم العامل. فكيف عمل هذا المعنى، وعدم الشيء لا يؤثر في شيء؟!.
  قلت: لو اقتصرنا على هذا القدر، لكان ما قلت. ولكنا ضممنا إلى هذا أشياء أخر. والكل يعود إلى قصدك إلى الاسم، تخبر عنه، أو تربط به جملة، من غير أن تدخل على الاسم عاملا.
(١) الكتاب ١: ٢٥، وفيه: (فأما المستقيم الحسن (أي: من الكلام)، فقولك: أتيتك أمس، وسآتيك غدا).
(٢) يعني بالوقف: السكون.