كتاب شرح اللمع في النحو،

ابن جني (المتوفى: 392 هـ)

باب المفعول به وهو: الظرف

صفحة 192 - الجزء 1

  إِبْراهِيمَ} (٥١)⁣(⁣١). وقال: {أَنْبِئُونِي بِأَسْماءِ هؤُلاءِ}⁣(⁣٢). وقال: {فَلَمَّا أَنْبَأَهُمْ بِأَسْمائِهِمْ}⁣(⁣٣). وقال: {قَدْ نَبَّأَنَا اللهُ مِنْ أَخْبارِكُمْ}⁣(⁣٤). فهو محمول في قوله: {نَبِّئْ عِبادِي أَنِّي أَنَا الْغَفُورُ الرَّحِيمُ} (٤٩)⁣(⁣٥)، على حذف الجار. وإنما يتعدى إلى ثلاثة مفاعيل، لأنه خبر أجري مجرى الإعلام. فكما أن (أعلم) يتعدى إلى ثلاثة مفاعيل، فكذلك عدّي (نبّأ) حملا عليه. لأن العرب، تحمل الشيء على الشيء، إذا كان بمعناه. وقد أريناك نظيره في هذا الباب، في موضعين: أحدهما: أرأيتك زيدا ما صنع، حملوه على: أخبرني، لما كان بمعناه. وكذلك قالوا: علمت زيد أبو من هو، برفع زيد، لمّا كان ما في حيّز الاستفهام، بمعناه.

  قال سيبويه⁣(⁣٦): وتقول: أعلم الله زيدا عمرا، خير الناس، العلم اليقين إعلاما. فتنصب إعلاما، بأعلم، وتنصب العلم اليقين، بمضمر. أي: فعلم العلم اليقين. ولا تنصبه بأعلم، لأن الفعل الواحد لا ينصب مصدرين ولا ظرفين متفقين. فافهمه.

باب المفعول به وهو: الظرف

  [قال أبو الفتح]: اعلم أنّ الظرف: كلّ اسم، من أسماء الزمان، والمكان، يراد به معنى: (في) وليست في لفظه. كقولك: قمت اليوم، و: جلست مكانك. لأن معناه: قمت في اليوم، وجلست في مكانك. فإن ظهرت (في) إلى اللفظ، كان ما بعدها اسما صريحا. وصار التضمن ل (في).

  تقول: سرت في يوم الجمعة، وجلست في البصرة.

  [قلت]: اعلم أن الظروف، إنما تكون ظروفا، إذا دلت على: (في). لأنّ (في) حرف الظرف. فإذا تضمن الاسم معناه، كان ظرفا. تقول: صمت يوما. ف (يوما) نصب على الظرف لأن معناه: صمت في يوم. فإن ظهرت (في) إلى اللفظ، خرج عن الظرفية. وكانت المعاملة مع (في) دون الاسم وحده. يعني أنّ (في)، مع الاسم كان ظرفا، بمنزلة الاسم إذا لم يكن فيه معنى (في).

  وقد يجوز أن تتسع في الظروف، فلا تقدّر فيه معنى (في) فتنصبه، نصب المفعول به. وهذا يظهر في موضعين: أحدهما: أنك إذا اتسعت فيه، وتنصبه نصب المفعول به، جازت الإضافة إليه.

  تقول:

  يا سارق اللّيلة أهل الدّار⁣(⁣٧)

  قال: فتقول، على هذا: يا مكتوب أيام معدودات. يعني أنك إذا نصبت (أياما معدودات)


(١) ١٥: سورة الحجر ٥١.

(٢) ٢: سورة البقرة ٣١.

(٣) ٢: سورة البقرة ٣٣.

(٤) ٩: سورة التوبة ٩٤.

(٥) ١٥: سورة الحجر ٤٩.

(٦) الكتاب ١: ٤١، وعبارته: (أعلمت هذا زيدا قائما العلم اليقين إعلاما).

(٧) من الرجز، في: الكتاب ١: ١٧٥، ١٧٧، ١٩٣، وابن يعيش ٢: ٤٥، ٤٦، والخزانة ٣: ١٠٨، ٤: ٢١٥، ٢٣٣، ٢٣٥، ٦: ٥٣٤.