باب عطف البيان
  قال الله تعالى: {وَمَنْ يَفْعَلْ ذلِكَ يَلْقَ أَثاماً ٦٨ يُضاعَفْ لَهُ الْعَذابُ يَوْمَ الْقِيامَةِ}(١)، فأبدل: (يضاعف) من (يلق) أثاما، لأن لقيّ الآثام منه مضاعفة العذاب. فأما قوله تعالى: {وَلَوْ لا رِجالٌ مُؤْمِنُونَ وَنِساءٌ مُؤْمِناتٌ لَمْ تَعْلَمُوهُمْ أَنْ تَطَؤُهُمْ}(٢): فقوله (أن تطؤوهم): (أن) مع الفعل، في تأويل المصدر. وهو بدل من (رجال). أي: ولا وطء رجال، أي: وطؤكم رجالا. فليس هو بدل فعل من اسم، وإنما هو بدل اسم من اسم، كقول [١٠٤ / أ] [الشاعر]:
  ٢٦٥ - لقد كان في حول ثواء ثويته ... تقضّي لبانات، ويسأم سائم(٣)
  أي: أن يسأم. ف (ثواء) مصدر أبدله من (حول). فكذا: أن تطؤوهم، بمنزلة (الوطء). وقد وقع في بعض النسخ [قول الشاعر]:
  ٢٦٦ - فما كان قيس هلكه، هلك واحد ... ولكنّه بنيان قوم تهدّما(٤)
  وكنا قديما ذكرنا [و](٥) أن من رفع قوله: هلك واحد، رفع (هلكه) بالابتداء، وجعل الجملة خبر كان. ومن نصب (هلك واحد) أبدل هلكه من (قيس) بدل الاشتمال.
باب عطف البيان
  [قال أبو الفتح]: ومعنى عطف البيان: أن تقيم الأسماء الصريحة، غير المأخوذة من الفعل، مقام الأوصاف المأخوذة من الفعل. تقول: قام أخوك محمد، كقولك: قام أخوك الظريف، وكذلك: رأيت أخاك محمدا، و: مررت بأخيك محمد.
  [قلت]: عطف البيان يشبه الصفة، في كونه تبعا للأول، ومبينا له، إلا أنه ليس بمشتق من الفعل، بخلاف الصفة. ويشبه في اللفظ البدل، لا أنه يفارقه من حيث إن البدل في تقدير تكرير العامل، وهذا بخلافه. ويتبين ذلك في باب النداء، إذا قلت: يا أخانا زيدا. إن جعلت (زيدا) عطف بيان، نصبت. لأنك أقمته مقام (أخانا). وإن جعلت بدلا، قدرت تكرير (يا) فقلت: يا أخانا زيد، كأنك قلت: يا زيد. [قال الشاعر]:
  ٢٦٧ - إنّي، وأسطار سطرن سطرا ... لقائل: يا نصر، نصرا، نصرا(٦)
  إن جعلت (نصرا) الثاني، عطف بيان، جاز فيه: الرفع بالتنوين، والنصب. وإن جعلته بدلا،
(١) ٢٥: سورة الفرقان ٦٨، ٦٩.
(٢) ٤٨: سورة الفتح ٢٥.
(٣) البيت من الطويل، للأعشى، في ديوانه ٧٧، والكتاب ٣: ٨٣، والتحصيل ٣٩١، والمقتضب ١: ٢٧، وابن يعيش ٣: ٦٥.
(٤) سبق ذكره رقم (١٠٣).
(٥) أراها زائدة.
(٦) من الرجز، لرؤية. في: ملحق ديوانه ١٧٤، والكتاب ٢: ١٨٥، ١٨٦، والتحصيل ٣٠٢، والخصائص ١: ٣٤٠.
وبلا نسبة في: المقتضب ٤: ٢٠٩.