باب عطف النسق
  لم يجز فيه إلا الضم. ويجوز فيه، أيضا، الصفة. ويجوز في (نصر) الأخير، أن يكون مصدرا، أي: يا نصر، انصر نصرا. وعطف البيان، لم يذكره أكثر النحويين.
باب عطف النسق
  وحروفه عشرة، وهي: الواو، والفاء، وثم، وأو، ولا، وبل، ولكن الخفيفة، وأم، وإما، مكسورة مكررة، وحتى، وقد مضى ذكرها. فهذه الحروف تجتمع كلها في إدخال الثاني في إعراب الأول. ومعانيها مختلفة.
  فمعنى (الواو) الاجتماع. تقول: قام زيد، وعمرو، أي: اجتمع لهما القيام، ولا يدرى ترتيب حالهما فيه. هذا ما ذكر. والدليل على ذلك قوله تعالى {وَادْخُلُوا الْبابَ} [١٠٤ / ب] {سُجَّداً وَقُولُوا حِطَّةٌ}(١). ثم ذكر في سورة الأعراف: {وَقُولُوا حِطَّةٌ وَادْخُلُوا الْبابَ سُجَّداً}(٢)، والقصة قصة واحدة، فلم يبال بتقديم أحدهما على الآخر، لما لم يكن الواو يوجب الترتيب. وقال {إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ} (٥)(٣). والعبادة بعد الاستعانة عليها، لكن الواو لا يوجب الترتيب. وقال: {فَجَعَلْنا عالِيَها سافِلَها وَأَمْطَرْنا عَلَيْهِمْ حِجارَةً مِنْ سِجِّيلٍ} (٧٤)(٤). والإمطار قبل جعل الأعالي أسافل. [قال الشاعر]:
  ٢٦٨ - أغلي السباء بكلّ أدكن عاتق ... أو جونة قدحت، وفضّ ختامها(٥)
  وفضّ الختام قبل القدح، لكن الواو يجوز فيه هذا. وتقول: المال بين يدي زيد، وعمرو، لا يجوز: فعمرو. واختصم زيد، وعمرو، ولا يجوز: فعمرو. ولو كانت الواو توجب الترتيب، صلحت الفاء في ذينك الموضعين، فإنما المقصود هناك إضافة بين إلى اسمين، كما يضاف إلى القوم في قولك: المال بين القوم. فمدلول القوم آحاد، غير مترتب بعض منها على بعض، فإنما المقصود الجمعية. فقوله: {فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرافِقِ}(٦): ليس في ظاهر ما يوجب الترتيب، لأن الواو لمجرد الإشراك، والجمع، فلهذا وضع. ومن قال فيه بخلاف هذا، فعليه بالدليل. فعلى [هذا لو](٧) قال لغير المدخول بها: إن دخلت الدار، فأنت طالق وطالق وطالق، فإنه جعل الواو للجمع. وكأنه قال: فأنت طالق ثلاثا. وهو، |، أوقع واحدة، لا، لأن الواو خرج من الجمعية، لكن، لأنها، أعني: المرأة، بانت بقوله: فأنت طالق قبل ذكره: وطالق ثانيا. فالواو للإشراك، حيث ما أمكن الإشراك. فإذا لم يمكن الإشراك، فذاك لمعنى راجع، إلى المحل، لا إلى الحرف، واللفظ. وقد ذكرنا هذا مستقصى في (الخلاف).
  [قال أبو الفتح]: ومعنى (الفاء) التفرق على مواصلة. أي: الثاني عقيب الأول، بلا مهلة.
  تقول: قام زيد فعمرو. أي: يليه، لم يتأخر عنه.
(١) ٢: سورة البقرة ٥٨.
(٢) ٧: سورة الأعراف ١٦١.
(٣) ١: سورة الفاتحة ٥.
(٤) ١٥: سورة الحجر ٧٤.
(٥) البيت من الكامل، للبيد، في: ديوانه ٢٢٩، والمعلقات السبع ٢٢٦، والخزانة ٣: ١٠٥، ١١: ٣.
(٦) ٥: سورة المائدة ٦.
(٧) الأصل غير واضح.