باب إعراب الأفعال
  [الرابع]: يا غلاما في النداء. فإذا جئت بالألف، حذفت الألف الأولى، كي لا يجتمع ألفان.
  وأما قولهم: يا غلام غلامي، فهذا إذا ندب، لم يجز فيه ما جاز في قولهم: يا غلامي، لأن الحذف، والاستخفاف، جاءا في المنادى، ولم يجئ في المضاف إليه المنادى. فاعرفه.
  وأما ندبة الصفة، نحو: يا زيد الظريفاه، فجوزه يونس(١)، خلافا للجماعة، لما رأى الصفة كالجزء من الموصوف، أجاز فيه ما جاز في الموصوف. وكنا دللنا على ذلك في موضع آخر.
باب إعراب الأفعال
  قسم الأفعال قسمين: مبنيا، ومعربا.
  فالمبني: الفعل الماضي، وفعل الأمر. فأما الماضي، فمبني على الفتح، ولم يبن على الكسر، ولا على الوقف، ولا على الضم. أما امتناع بنائه على الوقف، فإنه فعل يشبه المعرب من وجهين:
  الأول: أنه يقع موقعه في موضع الشرط، والجزاء، كقولك: إن قمت قمت، كما تقول: إن تقم أقم.
  والثاني: أنه يقع موقع الاسم، في كونه وصفا. فتقول: مررت برجل ضربنا، كما تقول: مررت برجل ضاربنا. فلما وقع موقعه، في هذا الموضع، قوي مشابهته بالمعرب، وكان بناؤه على الحركة، أولى، من هذه الجهة. وإنما اختير [١٢٢ / أ] الفتح دون الضم، والكسر، لخفة الفتحة، عندنا. وقال الفراء: اختير الفتح، لأنه يصير إلى حالة، لا بد له فيها من الفتح. وذلك إذا اتصل به ضمير الاثنين، نحو: ضربا، وقعدا. وهذا باطل، لأنه يصير إلى حالة، لا بد له فيها من الضم، كقولهم: ضربوا، وقعدوا. ومع ذلك لم يبن على الضم.
  وأما فعل الأمر، فمبني على الوقف، عندنا(٢). وقال الفراء، والكسائي: هو معرب مجزوم.
  واحتجوا في ذلك بأنهم يقولون: اغز، وارم، واخش. وفي التثنية: اغزوا، وارميا، واخشيا.
  فيحذفون الواو، والياء، والألف، والنون. وحذف هذه الحروف، إنما يكون علامة للجزم، لا الوقف. فكيف يقال: هو مبني؟ وهل يكون مبنيا على حذف حرف؟
  [قلت]: الأمر مبني على الوقف، لأنه فعل. وأصل الفعل البناء، وإنما الإعراب عارض فيه بحق المشابهة، فما لم يوجد المشابهة، فهو باق على أصله. ولأن الجزم لا يكون إلا بعامل، وليس في الأمر عامل الجزم.
  [فإن قلت]: إن تقدير: اضرب: لتضرب، واللام مضمرة.
  [قلت]: عامل الجزم، لا يجوز أن يضمر، كما أن عامل الجر، لا يجوز أن يضمر، مع كون عامل الجر أقوى، لأن الجزم في الأفعال نظير الجر في الأسماء.
  [أما]: حذف هذه الحروف، فإنهم أجروا هذه الحروف، مجرى الحركة. فكما أن المبني على الوقف، ليس بمتحرك، فينبغي أن لا يكون فيه أحد هذه الحروف. والدليل على أن هذه الحروف
(١) وكذلك: أبو الحسن بن كيسان. ينظر: الكتاب ٢: ٢٢٦، والإنصاف (مسألة ٥٢) ١: ٣٦٤.
(٢) فعل الأمر: أمعرب أم مبني، مسألة خلافية. ينظر: الإنصاف (مسألة ٧٢) ٢: ٥٢٤.