كتاب شرح اللمع في النحو،

ابن جني (المتوفى: 392 هـ)

المبحث الرابع المذهب النحوي لجامع العلوم وآراؤه

صفحة 29 - الجزء 1

  على جل أسرار ذلك ولطائفه.

المبحث الرابع المذهب النحوي لجامع العلوم وآراؤه

  على الرغم من أن جامع العلوم من سكان أصبهان، أحد أقاليم إيران⁣(⁣١)، وأنه قد توفي سنة (٥٤٣ هـ) إذ مضى على اكتمال مدرستي الكوفة والبصرة فكرا وقواعد، أكثر من قرنين من الزمان من تاريخ وفاته نزولا⁣(⁣٢)، فقد كان جامع العلوم بصري المذهب وكان يعلن انتسابه إليه بألفاظ شتى، منه قوله.

  ١ - عندنا:

  إذ ترددت هذه اللفظة في شرح اللمع كثيرا عند ذكره رأيا بصريا من ذلك، على سبيل المثال، قوله في إعراب الأسماء الستة، قال: «ثم اختلفوا⁣(⁣٣) في هذه الحروف هل هي حروف إعراب، أم أنفس الإعراب؟ فعندنا: الواو في موضع الرفع ..»⁣(⁣٤).

  ومسألة إعراب الأسماء الستة مسألة خلافية بين الكوفيين والبصريين، ذهب فيها الكوفيون إلى أن الأسماء الستة معربة من مكانين، فالضمة والواو: علامة للرفع، والفتحة والألف: علامة للنصب، والكسرة والياء: علامة للجر.

  وذهب البصريون إلى أنها معربة من مكان واحد، فالواو: علامة للرفع والألف: علامة للنصب، والياء: علامة للجر⁣(⁣٥)، وقد رد جامع العلوم رأي الكوفيين من خلال رده على الفراء في هذه المسألة⁣(⁣٦).

  ومنه قوله في خبر المبتدأ إذا كان اسما محضا (أي جامدا) أيتضمن الضمير أم لا؟ قال: «.. فالذي هو هو: زيد أخوك، فالأخ زيد، وزيد الأخ، فهذا لا ضمير فيه عندنا؛ لأنه ليس بمشتق»⁣(⁣٧).

  وهذه مسألة خلافية أيضا، ذهب فيها الكوفيون إلى أن خبر المبتدأ إذا كان اسما محضا؛ فقد تضمن ضميرا، يرجع إلى المبتدأ، نحو: زيد أخوك، والى ذلك ذهب من البصريين علي بن عيسى


(١) معجم البلدان ١: ٢٠٦ - ٢١٠.

(٢) إذ انتهت طبقات النحويين البصريين بابن السراج المتوفى سنة (٣١٦ هـ) وانتهت طبقات النحويين الكوفيين بثعلب المتوفى سنة (٢٩١ هـ).

ينظر: أخبار النحويين البصريين ٨٠، ٨١، وطبقات النحويين واللغويين ١١٢، ١٤١ - ١٥٠.

(٣) أي: النحويون.

(٤) شرح اللمع لجامع العلوم ٣٩.

(٥) ينظر: الكتاب ١: ١٧، ١٨، والمقتصد ١: ١٠٣، وثمار الصناعة ٦٨، والإنصاف ١: ١٧، والجمل ١: ١١٩ - ١٢٢، وابن يعيش ٥١ - ٥٤.

(٦) شرح اللمع لجامع العلوم ٣٩.

(٧) نفسه ٧٢.