كتاب شرح اللمع في النحو،

ابن جني (المتوفى: 392 هـ)

باب العدد

صفحة 329 - الجزء 1

  وقول سيبويه⁣(⁣١)، في هذا: وأما أخول، أخول، فلا يخلو من أن يكون ك (كفة كفة) أو ك (صباح مساء). ولم يزد على هذا [وبهذه]⁣(⁣٢) التقسيمات الحسنة يقسم المقسم شيئا، فيعلم بالدليل، بطلان أحدهما، وصحة الآخر. وقد علم أنه ليس كصباح مساء، فيتبين أنه ك (كفة كفة). [قال الشاعر]:

  ٣٢٦ - نحمي حقيقتنا، وبع ... ض القوم يسقط بين بينا⁣(⁣٣)

  أي: ضعيفا غير معتد به. كما أن الهمزة إذا كانت بين بين، كانت ضعيفة. والضعيف متردد بين الضعف، وبين القوة، ويغلب عليه الضعف.

  [والثالث]: وهو أن تضم صوتا عجميا إلى اسم عربي، أو عجمي، فتبنيه، فتقول: هذا سيبويه، ونفطويه. ف (ويه) صوت، والأصوات: كلها مبنية؛ لأنها ليست بمتمكنة، نحو (حوب) لزجر الأبل، و (صه) و (مه) و (هج هج) و (جه جه).

  فالأول استحقّ منع الصرف [١٤١ / أ]، لاجتماع التعريف، والعجمة فيه. ثم إنّ هذا ركّب على وجه يخالف سائر التركيبات، بأن أضيف إليه صوت مبني عجمي، فكأنه وجد تركيب آخر، فاستحق البناء.

  قال أبو علي: وكأنّ هذا يشير إلى أن الأول: التمكن، ثم منع الصرف، ثم البناء على الترتيب. ولمعنى آخر، وهو أن (ويه) عجمي مبني، وسبب مضاف إليه، والمضاف قد يكتسي من المضاف إليه، أحكاما، فهاهنا، اكتسى منه البناء على قوله فبني (سيبويه) و (عمرويه) لهذا المعنى.

باب العدد

  اعلم أن الواحد في باب العدد، إنما هو الأصل، وغيره فرع عليه. وهو في الكلام يستعمل على ضربين:

  أحدهما: أن يستعمل اسما.

  والثاني: أن يستعمل صفة.

  فأما إذا استعمل اسما، فإنه لا يتغير: لا يؤنث، ولا يذكر، ولا يثنى، فلا تقول في (رجل): واحدة؛ كما تقول؛ في (ثلاثة رجال): ثلاثة. فأما إذا كان صفة، فإنه يؤنث، ويجمع. أما التأنيث، فقوله تعالى: {خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ واحِدَةٍ}⁣(⁣٤). وأما الجمع [فقول الشاعر]:


(١) نقل الشارح كلام سيبويه بالمعنى، ونصه: (وأما أخول أخول، فلا يخلو من أن يكون كشغر بغر، وكيوم يوم). ينظر: الكتاب ٣: ٣٠٧.

(٢) الأصل غير واضح.

(٣) البيت من مجزوء الكامل، لعبيد بن الأبرص، في: ديوانه ١٣٦، وابن يعيش ٤: ١١٧، واللسان (بين) ١٣: ٦٦.

وبلا نسبة في: شرح شذور الذهب ٧٤، وشفاء العليل ١: ٤٨١، وهمع الهوامع ٣: ٢٠٤.

(٤) ٧: سورة الأعراف ١٨٩.