[مقام أمير المؤمنين علي # في الجهاد يوم أحد]
  القتال حتى كسرت رَباعيته(١)، وشجت وجنته، فغابت فيها حلق المغفر(٢)، وضربه ابن قمئة لعنه الله على عاتقه فوقع إلى حفرة وعليه درعان، فأخذ علي # بيده، ورفعه طلحة من خلفه حتى استوى، وجعل الدم يسيل حتى اخضل لحيته، وهو يقول ÷: «كيف يفلح قوم فعلواهذا بنبيهم(٣)، وهو يدعوهم إلى الله»(٤)، ونزع أبو عبيدة حلقتين من وجنته ÷ بثنيتيه فوقعتا وسقط على ظهره(٥).
[مقام أمير المؤمنين علي # في الجهاد يوم أحد]
  وكان علي # هو المفرج للغمة، والكاشف للكربة، والمجدل لصناديد المشركين، والمعفر جباه المفسدين.
  روى الناصر للحق #(٦)، عن أبي رافع أن رسول الله ÷ رأى عصابة من المشركين يوم أحد، فقال: «يا علي، احمل عليهم»، فحمل عليهم، ففرَّق جماعتهم، وقتل
(١) الرّباعية بوزن الثمانية: السن التي بين الثنية والناب والجمع رَبَاعيات. (المصدر السابق ص ٢٣١).
(٢) المغفر: الدرع ينسج على قدر الرأس يلبس تحت القَلَنْسُوَة. (انظر المصدر المذكور ص ٢٧٠، ٤٧٧).
(٣) في (ب): لنبيهم.
(٤) ابتسام البرق - خ -، وسيرة ابن هشام ٣/ ٣١، وتأريخ الطبري ٢/ ١٩٨، والسفينة (ج ٢) - خ -.
(٥) ابتسام البرق - خ -.
(٦) هو الإمام الناصر للحق الحسن بن علي بن الحسن بن علي بن عمر بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب $، الملقب بالناصر الأطروش، والناصر الكبير، والناصر للحق [٢٣٠ - ٣٠٤ هـ] أحد عظماء الإسلام، وأئمة الزيدية الكرام، كان عالماً، عاملاً، فاضلاً، زاهداً، ورعاً، شجاعاً، مجاهداً، وهو الإمام الشاعر المحدث المفسر الفقيه الأديب، اللغوي المتكلم، وهو ثالث الأئمة العلويين بطبرستان، مولده بالمدينة، وخرج إلى أرض الديلم داعياً إلى الله سبحانه وتعالى سنة ٢٨٤ هـ، ووفد إلى طبرستان، ومكث عند الإمام محمد بن زيد، فلما قتل فرّ الأطروش # إلى الديلم، وكان أهلها مجوساً، فنشر الإسلام بينهم، واستمر يدعوهم إلى الله قرابة عشرين سنة، فأسلم على يديه ألف ألف (أي مليون) ما بين رجل وامرأة، توفي بآمل في شعبان، أخباره كثيرة، ومناقبه وفضائله غزيرة، قال محمد بن جعفر الطبري في تأريخه: ولم ير الناس مثل عدل الأطروش، وحسن سيرته، وإقامته للعدل. انتهى.
وله مؤلفات كثيرة، منها: (الإبانة) في الفقه، و (البساط) في أصول الدين، و (تفسير القرآن) في مجلدين، احتج فيه بألف بيت من الشعر وغيرها.
(انظر عنه وعن مؤلفاته كتاب أعلام المؤلفين الزيدية ص ٣٣١ - ٣٣٤ ترجمة رقم (٣١٦».