موت أبي طالب وخديجة، وخروج رسول الله ÷ إلى الطائف
  وتهجينهم، ولأن أبا طالب كان يقرب منه ويخالطه وينصره ولم ينأ عنه قط، ولأن ظاهر الكلام أن الوصفين ذم وتهجين، وعلى ما يقوله المخالف، أحدهما ذم والآخر مدح، ولا يجتمع المدح والذم، ولأن الروايات مختلفة، منهم من يروي أنه أسلم، ومنهم من يروي أنه لم يسلم، وأهل البيت أجمعوا على أنه أسلم(١)، مع أن رواية الإثبات أولى من النفي.
  فأما مشائخنا فإنهم توقفوا فيه، ولم يقطعوا على شيء لاختلاف الروايات، انتهى.
  قلت: ويدل على إسلام أبي طالب ما رواه الحاكم في (السفينة) عن ابن عمر قال: جاء أبو بكر بأبيه أبي قحافة إلى النبي ÷ يوم فتح مكة، فقال له(٢) النبي ÷: «ألا تركت الشيخ فآتيه(٣)»)، قال أبو بكر: أردت أن يأجره الله، والذي بعثك بالحق نبياً، لأنا كنت بإسلام أبي طالب أشد فرحاً من إسلام أبي، ألتمس بذلك قرة عينك، فقال ÷: «صدقت، صدقت»(٤).
  ومن ذلك ما حكاه في (السفينة) أيضاً حيث قال فيها: وروى أبو الحسين(٥)، عن ابن مهدي الطبري قال: روي أن النبي ÷ لما دعا أبا طالب إلى الإسلام، قال له: (ما أشد تصديقنا لحديثك، وأقبلنا لنصحك، وهؤلاء بنو أبيك قد اجتمعوا وأنا كأحدهم وأسرعهم، والله لما تحب، فامض لما(٦) أمرت به، فإني والله مانعك ما حييت، ولا أسلمك
(١) وقال الحاكم الجشمي أيضاً في تنبيه الغافلين ص ١١٢ ما لفظه: وقد ثبت بالنقل أنه كان مسلماً - أي أبو طالب -، وثبت بإجماع أهل البيت أنه أسلم، وإجماعهم حجة، وعلى أن نقلهم أولى من نقل غيرهم، لأنهم أولاده، فهم أعلم بأحواله. انتهى.
(٢) له، سقط من (ب).
(٣) فآتيه، سقط من (ب).
(٤) السفينة (ج ٢) - خ - وهو في شرح ابن أبي الحديد ١٤/ ٦٨ - ٦٩، ورواه الحاكم الجشمي أيضاً في كتابه تنبيه الغافلين ص ١١٣.
(٥) في (ب): أبي حسين.
(٦) في (ب): فامض إلى ما.