موت أبي طالب وخديجة، وخروج رسول الله ÷ إلى الطائف
  حتى يَتِمَّ أمرك، وأما أنت يا علي فما بك رغبة عن الدخول فيما دعاك إليه ابن عمك، وإنك(١) أحق من وازره، وأنا من ورائكما حافظٌ ومانعٌ)، فسُرَّ بذلك رسول الله ÷، وأنشد أبو طالب:
  وبالغيب آمنَّا وقد كان قومنا ... يصلون للأوثان قبل محمدٍ(٢)
  ومن الشاهد القوي على إسلام أبي طالب ما تكلم به لجلة قريش، فإنه جمعهم عند وفاته، وأوصاهم بكلام حكيم، فقال لهم: (يا معشر قريش، أنتم صفوة الله من خلقه وقلب العرب، وفيكم السيد المطاع، والمقدم الشجاع، والواسع الباع، واعلموا أنكم لم تتركوا للعرب في المآثر نصيباً إلا أحرزتموه، ولا شرفاً إلا أدركتموه، فلكم بذلك على الناس الفضيلة، ولهم به إليكم الوسيلة، والناس لكم حزب، وعلى حربكم ألب، وإني أوصيكم بهذه البنيَّة، فإن فيها مرضاة الرب وقواماً للمعاش، وثباتاً للوطأة، صلوا أرحامكم ولا تقطعوها؛ فإن في صلة الرحم منسأة في الأجل(٣)، وزيادة في العمل، واتركوا البغي والعقوق، ففيهما هلكت الأمم قبلكم، أجيبوا الداعي، وأعطوا السائل، فإن فيهما شرف الحياة والممات، عليكم بصدق الحديث، وأداء الأمانة، فإن فيهما محبة في الخاص ومكرمة في العام، وإني أوصيكم بمحمد خيراً، فإنه الأمين في قريش، والصديق في العرب، وهو الجامع لكل ما أوصيتكم(٤) به، قد جاء بأمر قَبِلَه الْجَنَانُ، وأنكره اللسان مخافة الشنآن، وايم الله كأني أنظر إلى صعاليك العرب وأهل الأطراف
(١) في (ب): وأنت.
(٢) وأورد الرواية أيضاً الإمام أبو طالب # في أماليه ص ٤٨٧ برقم (٦٥٢)، ولفظ أولها هناك: وبه قال: وحكى أبو الحسن علي بن مهدي الطبري ... إلخ، والرواية في كتاب تنبيه الغافلين للحاكم الجشمي أيضاً ص ١١٣ - ١١٤.
(٣) في (ب): للأجل.
(٤) في (ب): أوصيكم.