[عزم إدريس على قتال الخوارج]
  إدريس وبايعوا له.
  فلما اتصل عزمهم بالفضل وجه إليهم عبدالله بن سليمان المهلي، والجنيد بن سنان، والنضر بن العنبر، وجماعة من أصحابه؛ فدعوا عبدالله إلى الصلح وأعطوه كل ما يريد، فأبى إلا إخراج الفضل.
  ووجه بخيل فأخذ الجنيد بن سنان؛ وأبا المغيرة؛ وأبا النضر، فلما رأى عبدالله [بن سليمان] أن أصحابه قد أُخِذُوا أراد أن يخلّصهم من أيديهم؛ فحمل عليهم فقتلوه، وقتلوا من أصحابه، وأفلت بقيتهم فلحق بالقيروان، فأمر الفضل ببيت المال ففُتح وأعطى أصحابه، - وكانت الأموال عنده كثيرة مما يبعث إليه هارون الرشيد ويمدّه - فجعل أصحابه يأخذون منه الأرزاق ويتسلّلون إلى عبدالله بن الجارود حتى لحق عامتهم به، فلما كثرعند عبدالله الجموع كتب إلى الفضل يأمره بالخروج عن القيروان فإنه لا حاجة للأبناء بولايته، فإن فعل وإلا حاربه.
  فأبي الفضل إلا محاربته، وأخرج إليهم عبدالله بن يزيد ابن حاتم ابن عمه، وابن وقدان الأنصاري، وضم إليهما من معه من القواد وأبناء خراسان، والتقوا هم وعبدالله بن الجارود بموضع يقال له: طينابس(١)، واقتتلوا قتالاً شديداً يوم الأحد والإثنين وكثرت القتلى بين الفريقين، فانهزم عبدالله بن يزيد بن حاتم، وقُتل هارون بن وقدان الأنصاري فلحقوا بالقيروان، واتَّبعهم عبدالله بن الجارود ودخل القيروان وأمَّن الناس.
  وكتب إلى هارون الرشيد يسأله أن يوليه على القيروان، وأنّ الأبناء لا ترضى إلا به، وحبس الفضل بن روح، وهناد بن وبره - كاتبه - وكتب إلى الخليفة هارون جماعة الجند:
(١) في بعض النسخ (طيناس)، وهي قريبة من القيروان.