[جواب يحيى # على الرشيد]
  ثم توجهت جماعة من أهل العلم والفضل في جيش إلى سجستان، فتذاكروا ما حلّ بهم من ابن مروان فخلعوه وبايعوا للحسن بن الحسن، ورأسوا عليهم ابن الأشعث إلى أن يأتيهم أمره، فكان رئيسهم غير طائل ولا رشيد؛ نصبَ العداوة للحسن قبل موافاته، فتفرّقت عند ذلك كلمتهم، وفُلّ حدهم، ومُزّقوا كل ممزق، فلما هزم جيش الطواويس احتالوا لجدي الحسن بن الحسن فمضي مسموماً يتحسى الحسرة(١)، ويتجرع الغيظ ~، حتى إذا ظهر الفساد في البر والبحر شري زيد بن علي ª نفسه، فما لبث أن قُتل، ثم صُلب ثم أُحرق، فأكرم بمصرعه مصرعاً، ثم ما راعهم إلا طلوع ابنه يحيى صلى الله عليه من خراسان فقضى نحبه وقد أعذر ª.
  وقد كان أخي محمد بن عبد الله دعى بعد زيد وابنه يحيى، فكان أول من أجابه وسارع إليه جدّك محمد بن علي بن عبد الله بن عباس وإخوته وأولاده، فخرج بزعمه يقوم بدعوته، حتى خَدَع بالدعاء إليه طوائف(٢).
  ومعلوم عند الأمة أنكم كنتم لنا تدعون، وإلينا ترجعون، وقد أخذ الله عليكم ميثاقاً لنا، وأخذنا عليكم ميثاقاً لمهدينا محمد بن عبدالله النفس الزكية الخائفة التقية المرضية، فنكثتم ذلك، وادعيتم من إرث الخلافة ما لم تكونوا تَدَّعُونه قديماً ولا حديثاً، ولا ادعاه لكم أحد من الأمة إلا تقولاً كاذباً، فها أنتم الآن تبغون دين الله عوجاً، وذرية رسول الله قتلاً واجتياحاً، والآمرين بالمعروف صلْباً واستباحاً، فمتى ترجعون؟ وأنى تؤفكون؟ أو لم
(١) انظر الحدائق الوردية (مصورة: ١٣٥، ١٣٦)، وانظر المصابيح (مصوره: ٨٤).
(٢) يشير إلى اجتماع الأبواب لعقد الإمامة للرضا من آل محمد، انظر المصابيح (مصورة: ٩٦)، والمقاتل ط ٢ - ٢٠٧.