أخبار فخ وخبر يحيى بن عبدالله (ع) وأخيه إدريس بن عبدالله (ع)،

أحمد بن سهل الرازي (المتوفى: 310 هـ)

[جواب يحيى # على الرشيد]

صفحة 82 - الجزء 1

  ثم امتحننا الله من بعده بك، فحرصْتَ على قتلنا⁣(⁣١) وطلبت من فّرَّ عنك منا، لا يؤمنهم منك بُعْدُ دار ولا نأي جار، تتبعهم حيلك وكيدك حيث سيروا من بلاد الترك والديلم، لا تسكن نفسك ولا يطمئن قلبك دون أن تأتي على آخرنا، ولا تدع صغيرنا ولا ترثى لكبيرنا، لئلا يبقى داعٍ إلى حق ولا قائلٍ بصدق⁣(⁣٢) من أهله، حتى أخرجك الطغيان وحملك الحسد والشنئان أن أظهرت بَغْضَة أمير المؤمنين، وأعلنت بنقصه، وقرّبت مبغضيه، وأدنيت شانئيه حتى أربيت على بني أمية في عداوته، وأشفيت غلّتهم في تناوله، فأمرت بكرب قبر الحسين صلى الله عليه وتَعْمية موضعه، وقتل زوّاره واستئصال محبيه، وأوعدتَ زائريه، وأرعدت وأبرقتَ على ذكره.

  فوالله لقد كانت بنو أمية الذين وصفنا آثارهم مثلاً لكم، وعددنا مساوءهم احتجاجاً عليكم على بُعْد أرحامهم أرأف بنا منكم، وأعطف علينا قلوباً من جميعكم، وأحسن استبقاء لنا ورعاية من قرابتكم، فوالله ما بأمر كم خفاء ولا بشأنكم إمتراء.

  ولمَ لا نجَاهد، وأنت معتكف على معاصي الله صباحاً ومساءً، مُغْتراً بالمهلة، آمناً من النقمة، واثقاً بالسلامة؟.

  تارةً تغري بين البهائم بمناطحة كبش ومناقرة ديك ومحارشة كلب، وتارة تفترش الخصيان وتأتي الذكران، وتترك الصلاة صاحياً وسكران، ثم لا يشغلك ذلك عن قتل أولياء الله وانتهاك محارم الله، فسبحان الله ما أعظمَ حلْمه، وأكثر أنأته عنك وعن أمثالك، ولكنه تبارك وتعالى لايَعْجل بالعقوبة، وكيف يعجل وهو لا يخاف الفوت؟ وهو


(١) في الحدائق: «وظلمت الأول والآخر منا لا يؤمنك منهم بعد دار ......».

(٢) في الحدائق، وبعض النسخ: «ولا قائل بصدق، ولا أحد من أهله».