فصل [تحذير من مذهب الجبرية، وذكر جملة من قواعدهم]
  ولم يعلم أن أحداً منهم افترى عنه، كما يفتري هؤلاء عن الصوفية من الطيران، ومسيرة شهر في ساعة من يوم ونحو ذلك مما لم يظهر للنبيء ÷ دع عنك الصحابة.
  السادس عشر: أنهم تولوا أعداء أهل بيت رسول الله ÷ كمن قاتل علياً، والحسن والحسين، وسائر بني هاشم، إذا كان لديهم صحابياً، وأن مقاتل عترته والمعادي لهم، والسام لهم والشاتم لهم، والمبغض والمحرب لهم من أهل الجنة، لأنه بزعمهم صحابي، وغفلوا عن ما رووا في كتبهم أن رسول الله ÷ حرب لمن حارب أهل بيته، وعدو من عاداهم، والوعيد لهم، وتركوا الأحاديث وغيرها من الآيات ظهرياً.
  السابع عشر: أنهم لا يعرفون من ذرية رسول الله ÷ بعد الحسنين أحداً، ولا يذكرون أحداً من علمائهم، وفضلائهم بخير، كما يذكرون أشياخهم، ولا يذكرون مجتهدي أهل البيت في تأليفاتهم، ولا كأنهم من سائر علماء الإسلام.
  وقد رووا في كتبهم قوله ÷: «إني خلفت فيكم الثقلين كتاب الله وعترتي أهل بيتي ولن يفترقا حتى يردا علي الحوض» فهؤلاء فرقوا بينهم وبين الكتاب، وأخملوا ذكرهم، وتركوا التبرك بمآثرهم، والأخذ بعلومهم وأحكامهم، وقد رووا قوله ÷: «أهل بيتي كسفينة نوح من ركبها نجا ومن تخلف عنها غرق وهوى» وغير ذلك كثير مما رووه في أهل البيت، بل جردوا كتبهم عن ذكر أقوالهم، كل ذلك مودتهم التي أمر الله بها لقربى الرسول ÷ {أَلَا إِلَى اللَّهِ تَصِيرُ الْأُمُورُ ٥٣}.