التحفة العسجدية فيما دار من الاختلاف بين العدلية والجبرية،

الحسن بن يحيى القاسمي (المتوفى: 1343 هـ)

فصل [حقيقة الداعي وبيانه وهو مما تعلقت به المجبرة]

صفحة 13 - الجزء 1

  أفعالنا، وعدم توقفها على شئ سوى إرادتنا ثم إذا وجدنا مختاراً يتمكن من فعل دون آخر علمنا وجودها في الأول دون الثاني، ولولا تعلقها بأفعالنا، وتأثيرها فيها لم يعلم وجودها أصلاً، على أن نفي تأثيرها يرفع فائدة خلقها، إذ وجودها ولا أثر لها كعدمها.

  وأجابت الجبرية عن الثاني: بأن مرجح فاعليته تعالى قديم، وهو إرادته القديمة، فلا يحتاج إلى مرجح آخر بخلاف مرجح فاعلية العبد، فإنه حادث، فيحتاج إلى مؤثر، فإن صدر عن العبد تسلسل، وإلا كان مجبوراً في فعله.

  أجابت العدلية: بأنه لا يفيدكم ما ذكرتموه، لأن إرادته تعال قديمة عندكم، وفعله تعالى مستند إليها وجوباً عندكم، وهي مستنده إلى ذاته بطريق الإيجاب⁣(⁣١) وإذا وجب الفعل بما ليس اختيارياً له تطرق إليه الإيجاب فلم يكن مختاراً في فعله.

  وأجابت الجبرية عن الوجه الثالث: بأن للعبد قدرة واختياراً، لكن لا تأثير لقدرته، ومثل هذا لا ينافي التكليف الشرعي.

  أجابت العدلية: بأن ما ذكرتموه لا يدفع الجبر⁣(⁣٢) المنافي للإختيار بالضرورة⁣(⁣٣) وجعل بعض الأفعال الواجبة⁣(⁣٤) اختيارياً


(١) إذ لو كان صدور الإرادة القديمة بطريق الإختيار لزم أن لا يكون القديم قديماً، فثبت أن استنادها بطريق الإيجاب.

(٢) أي عدم استقلال العبد كما هو مرادهم حيث يقولون فعل العبد واسطة بين الجبر والإختيار، فأشار المؤلف # أن لا فرق عند التحقيق.

(٣) متعلق بمناف.

(٤) أي الذي يجب وجودها عند تحقق الإرادة، والمراد بالبعض هو الفعل الشرعي، أي ما حسنه الشرع أو قبحه.