التحفة العسجدية فيما دار من الاختلاف بين العدلية والجبرية،

الحسن بن يحيى القاسمي (المتوفى: 1343 هـ)

الخبر الثالث والعشرون

صفحة 145 - الجزء 1

  لانتفضت عليه العرب من أقطارها، فعلم رسول الله ÷ أني علمت ما في نفسه، فأمسك وأبى الله الا إمضاء ما حتم، ذكر هذا الخبر أحمد بن أبي طاهر، صاحب كتاب تاريخ بغداد في كتابه مسنداً.

  وفيه عن ابن عباس قال عمر: يا ابن عباس ما أرى صاحبك إلا مظلوماً، فقلت: أردد إليه ظلامته، فانتزع يده من يدي، ومض يهمهم ساعة، ثم وقف، فلحقته، فقال: يا ابن عباس ما أظنهم منعهم عنه إلا أنه استصغره قومه، فقلت: والله ما استصغره الله ورسوله حين أمراه أن يأخذ براءة من صاحبك فأعرض عني.

  وفيه قال عمر: يا ابن عباس إن صاحبكم إن ولي هذا الامر أخشى عجبه بنفسه، أن يذهب به فليتني أراكم بعدي.

  قلت: إن صاحبنا ما قد علمت، إنه ما غير ولا بدل، ولا أسخط رسول الله ÷ أيام صحبته له، قال: فقطع علي الكلام، فقال: ولا في ابنة أبي جهل، لما أراد أن يخطبها على فاطمة، فقلت: قال الله تعالى {وَلَمْ نَجِدْ لَهُ عَزْمًا ١١٥} وصاحبنا لم يعزم على سخط رسول الله ÷، ولكن الخواطر التي لا يقدر أحد على رفعها عن نفسه، وربما كانت من الفقيه في دين الله العالم العامل بأمر الله تعالى.

  وفيه قال عمر: يا ابن عباس: أتدري ما منع الناس منكم؟ قال: لا، قال: عمر: لكنني أدري، قال: وما هو؟ قال: كرهت قريش أن تجتمع لكم النبوة، والخلافة فتجحفوا الناس جحفاً، فنظرت قريش لأنفسها فاختارت ووفقت، فأصابت.

  فقال ابن عباس: أما قولك: إن قريشاً كرهت، فإن الله قال لقوم