فصل [فصل في العلم، وهو مما تعلقت به الجبرية]
  الْآخِرَةِ نُؤْتِهِ مِنْهَا}(١) وغير هذه الآيات، والله سبحانه يقول: {ذَلِكَ الْكِتَابُ لَا رَيْبَ فِيهِ}(٢)
فصل [فصل في العلم، وهو مما تعلقت به الجبرية]
  وأما العلم فقالت الجبرية: قد سلمتم كونه تعالى عالماً بجميع المعلومات، ووقوع الشيء على خلاف علمه يقتضي انقلاب علمه جهلاً، وذلك محال، والمفضي إلى المحال محال، فيكون علمه سابقاً سائقاً، لهذا فالقضاء والقدر لازم لكم بهذا الدليل لزوماً لا جواب عنه.
  أجابت العدلية بأن علم الله سابق غير سائق، فلم يناف تمكن العبد من الفعل والترك، فعلمه تعالى هو بالفعل وشرطه، وهو التمكن والإختيار، وإن سلم ما ادعته المجبرة من أن علمه سبحانه سائق فنقول:
  علم الله سبحانه ساقه إلى التمكن والإختيار إذ هو عالم بأن العبد متمكن من الفعل ومختار له، فلم يكشف وقوع الإيمان من الكافر، لو قدرنا وقوعه عن الجهل في حقه تعالى، لعلمه سبحانه بالفعل وشرطه كعلمه سبحانه عدم اطلاع النبي ÷ على أهل الكهف، فإنه لم يكشف عن الجهل في حقه تعالى، بعد أن علم أنه لو اطلع عليهم لولى منهم فراراً، ولملئ منهم رعباً، لأنه
(١) آل عمران (١٤٥).
(٢) البقرة (٢).