فصل [فصل في العلم، وهو مما تعلقت به الجبرية]
  لم فعلت؟ ولم تركت؟.
  وقال أيضاً عنهم: لو كان العلم بالعدم مانعاً للوجود لكان أمر الله تعالى للكافر بالإيمان أمراً بإعدام علمه، وكما أنه لا يليق به أن يأمر عباده بأن يعدموه، فكذلك لا يليق به أن يأمرهم بأن يعدموا علمه، لأن إعدام ذات الله وصفاته غير معقول، والأمر به سفه وعبث.
  ثم قال عنهم: الإيمان في نفسه من قبيل الممكنات فوجب أن يعلمه الله من الممكنات، إذ لو لم يعلمه كذلك لكان ذلك العلم جهلاً، وهو محال، وإذا علمه الله من الممكنات التي لا يمتنع وجوده وعدمه البتة، فلو صار بسبب العلم واجباً لزم أن يجتمع على الشيء الواحد كونه من الممكنات، وكونه ليس منها، وذلك محال.
  ثم قال عنهم: إن العلم بوجود الشيء لو اقتضى وجوبه لأغنى العلم عن القدرة، والإرادة، فوجب أن لا يكون الله تعالى قادراً مريداً مختاراً، وذلك قول الفلاسفة. اهـ
  وقالت العدلية: من احتج بأن العلم سائق لزمه أن تكون أفعالنا لا باختيارنا، ولا باختيار الله أما كونها لا باختيارنا فهو مقتضى التشبث بهذه الشبهة، وأما كونها لا باختيار الله تعالى، فلأنها أيضاً قد سبقت في علمه، فلا بد من فعلها وجوباً، والوجوب ينافي الإختيار، ولو لم يكن فعله لها واجباً لكان جائزاً، فيجوز أن لا يفعلها فينقلب علمه جهلاً وهو محال.
  إذا عرفت هذا علمت أن العلم لا أثر له في المعلوم إذ قد