مقدمة الكتاب
  
مقدمة الكتاب
  الحمد لله الذي أمر تخييراً، ونهى تحذيراً، وكلف يسيراً، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، المنزه عن فعل القبائح والفساد، والظلم والجور للعباد، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله المرسل رحمة للعالمين، والهادي للخلق إلى الحق المبين، صلى الله وسلم عليه وعلى آله الهداة المتقين.
  وبعد:
  فإن شبهة الجبر وهو القول: (بأن الله يجبر عباده على فعل المعاصي) شبهة قديمة، أول من قال بها إبليس لعنه الله، قال تعالى حاكياً عنه: {قَالَ رَبِّ بِمَا أَغْوَيْتَنِي} الآية، فأضاف الإغواء إلى الله تعالى، ثم تبعه في هذه الشبهة المشركون والكفار، قال تعالى حاكياً عنهم: {وَإِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً قَالُوا وَجَدْنَا عَلَيْهَا آبَاءَنَا وَاللَّهُ أَمَرَنَا بِهَا قُلْ إِنَّ اللَّهَ لَا يَأْمُرُ بِالْفَحْشَاءِ أَتَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ ٢٨}.
  قال الحسن البصري |: (إن الله تعالى بعث محمداً ÷ إلى العرب وهم قدرية وهم قدرية مجبرة يحملون ذنوبهم على الله) ذكره في الكشاف.
  ثم جدد هذه الشبهة معاوية فانتشرت وعمت أكثر المسلمين، إلا من عصم الله وهم (العدلية) فقد روي أنه قال - أي معاوية - في بعض خطبه: (لو لم يرني الله أهلاً لهذا الأمر ما تركني وإياه، ولو كره الله تعالى ما نحن فيه لغَيّره). وكان يقول: (أنا عامل من عمال