التحفة العسجدية فيما دار من الاختلاف بين العدلية والجبرية،

الحسن بن يحيى القاسمي (المتوفى: 1343 هـ)

فصل [في نفي الحسن والقبح العقليين عند الجبرية]

صفحة 21 - الجزء 1

  بيان ذلك أن قيام الصفة بالموصوف الذي هو الفاعل مثلاً معناه تحيز الصفة تبعاً لتحيز الموصوف، ولا يتصور إلا في المتحيز بالذات، لان المتحيز وهو الفعل مثلاً بتبعية غيره وهو الفاعل لا يكون متبوعاً لثالث وهو الحسن مثلاً إذ ليس كونه متبوعاً لذلك الثالث أولى من كونه تابعاً له، والعرض وهو الفعل مثلاً ليس بمتحيز بالذات، بل هو تابع في التحيز للجوهر، وهو الفاعل مثلاً فلا يقوم به غيره، أي فلا يقوم الحسن بالفعل عقلاً، وهو المطلوب.

  أجابت العدلية: إن هذا الدليل يجري في الحسن الشرعي بأن يقال: لو كان حسناً شرعاً لقام المعنى بالمعنى إلى آخره.

  ويلزم منه امتناع اتصاف الفعل بكونه ممكناً، ومعلوماً ومقدوراً ومذكوراً، فيلزم أن لا يكون الإمكان ذاتياً، فلا يكون الفعل في نفسه ممكناً.

  وأجابت العدلية بمنع المقدمة الأولى، وهي الشرطية، وما ذكر في بيانها، فإن نقيض العدمي لا يجب وجوده فقد يكون الشيء ونقيضه معدومين معاً⁣(⁣١) وبمنع الثانية، وهو بطلان قيام المعنى بالمعنى لأنا لا نسلم أن القيام التبعية في التحيز كما ذكرتم بل هو الإختصاص الناعت، وهو أن يختص شيء بآخر اختصاصاً يصير به


(١) وموجودين معاً، ومنقسمين، وتحقيقه أن الوجودي يطلق على معنيين: الموجود، وما ليس في مفهومه سلب، والعدمي يقابله فيهما، والنقيضان لابد أن يكون أحدهما وجودياً، والآخر عدمياً بالمعنى الثاني، لكن الوجودي بهذا المعنى لا يجب أن يكون موجوداً لجواز كونه مفهوماً اعتبارياً، ليس فيه سلب ولا يجب ذلك في المعنى الأول لجواز ارتفاعهما بحسب الوجود في الخارج، إنما يمتنع ارتفاعهما في الصدق.