فصل [قالت العدلية: العقل حاكم]
  ذلك الشيء نعتاً للآخر، والآخر منعوتاً، وسواء فيه الجوهر وغيره، وقد استضعف ابن الحاجب دليل الجبرية هذا.
فصل [قالت العدلية: العقل حاكم]
  قالت العدلية: العقل حاكم(١) بحسن الأشياء وقبحها لوجوه منها:
  أن الناس طراً يجزمون بقبح الظلم والكذب الضار، ويذمون على ما يجزمون بقبحه، وليس ذلك بالشرع، إذ يقول به المتشرع وغيره، ولا العرف لاختلافه باختلاف الأمم، وهذا لا يختلف بل الأمم قاطبة متفقون عليه.
  ومنها: أنه لو لم يكن عقلياً لحسن منه تعالى الكذب، وخلق المعجز على يد الكاذب، وفي ذلك إبطال الشرائع وبعثة الرسل بالكلية، إذ لا يتبين صدقه تعالى من الكذب ولا النبيء عن المتنبي.
  ومنها: أنه لو لم يكن الحسن والقبح عقليين لجاز أن الشارع يحسن ما قبحه، ويقبح ما حسنه، كما في النسخ فيلزم جواز حسن الإساءة، وقبح الإحسان، وذلك باطل بالضرورة.
  ومنها: أنا نعلم أن من خالفنا في هذه المسألة بأنه يفرق بضرورة عقله بين من أحسن إليه ومن أساء، وبين الظلم والعدل، ومن
(١) اعلم أن إدراكات العقل ثلاثة الأول: صفة الكمال والنقص، والثاني: ملائمة الغرض ومنافرته، وهذا لا نزاع في إدراكه لهما، والثالث: الحسن والقبيح المتعلق بالمدح والذم والثواب والعقاب، والنزاع في الثالث، وأما الأولان فالأشعرية يوافقون في إدراك العقل للحسن والقبيح فيهما، وأما الثالث فلا حكم فيه إلا للشرع عندهم. وعند العدلية العقل حاكم، والشرع كاشف، قال الله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ} الآية تقتضي كونه عدلاً وإحساناً قبل الأمر.