التحفة العسجدية فيما دار من الاختلاف بين العدلية والجبرية،

الحسن بن يحيى القاسمي (المتوفى: 1343 هـ)

فصل [قالت العدلية: العقل حاكم]

صفحة 23 - الجزء 1

  أنكر ذلك فهو مكابر منكر للضرورة.

  ومنها: أن الشرع قد أكد ذلك قال تعالى: {فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا ٨}⁣(⁣١) أي بما ركب فيها من العقول والإلهام لا يكون بصريح الكلام.

  ومنها: أن الدليل على صدق النبوة لا يتم إلا بأن الله تعالى جعل المعجزة لصدق النبي ÷ ومن صدقه الله فهو صادق، وهذا لا يصح عند المخالف، لأنه يجوز أن يجعل الله المعجزة للإغواء والإضلال لعدم امتناع القبح منه، ولا يمتنع عندهم أن يصدق الله المبطل الكذاب، فلا يحكم بصحة النبوة ولا صدق النبي ÷ على أصلهم، وقد أقر العضد بأنه لا يمتنع الكذب منه تعالى عقلاً.

  وقد تحير المحققون منهم في هذا، فبعضهم رمز إلى فساد هذا المذهب، وبعضهم صرح قال بعضهم: لا يتم استحالة النقص عليه تعالى إلا على رأي المعتزلة القائلين بالقبح العقلي.

  وقال الجويني⁣(⁣٢): لا يمكن التمسك في تنزيه الرب تعالى من الكذب بكونه نقصاً، لأن الكذب عندنا لا يقبح لعينه.

  وقال صاحب التلخيص: الحكم بأن الكذب نقص، إن كان عقلياً كان قولاً بحسن الأشياء وقبحها عقلاً، وإن كان سمعياً لزم الدور⁣(⁣٣).

  وقال العضد: لم يظهر لي فرق بين صفة النقص والقبح العقلي


(١) الشمس (٨).

(٢) عبد الملك بن محمد بن عبد الله الجويني توفي ٤٧٨ هـ تمت منهاج الوصول باختصار، تحقيق الدكتور المأخذي.

(٣) لأنه لا يقبح الكذب إلا بالسمع، ولا يكون السمع صدقاً إلا بقبح الكذب.