التحفة العسجدية فيما دار من الاختلاف بين العدلية والجبرية،

الحسن بن يحيى القاسمي (المتوفى: 1343 هـ)

فصل وأما تكليف ما لا يطاق

صفحة 27 - الجزء 1

  ظُلْمًا لِلْعِبَادِ ٣١}⁣(⁣١) فنزه تعالى نفسه عن إرادة شيء من الظلم، والظلم بين عبيده واقع لا محالة، وكل واقع عندهم مراد له تعالى، فيلزمهم أن الظلم مراد له تعالى، وهو رد لصريح الآية.

فصل وأما تكليف ما لا يطاق

  فقال الرازي في مفاتيح الغيب: احتج أهل السنة بهذه الآية أعني قوله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا سَوَاءٌ عَلَيْهِمْ أَأَنْذَرْتَهُمْ أَمْ لَمْ تُنْذِرْهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ ٦}⁣(⁣٢) وكل ما أشبهها من قوله تعالى: {لَقَدْ حَقَّ الْقَوْلُ عَلَى أَكْثَرِهِمْ فَهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ ٧}⁣(⁣٣) وقوله: {ذَرْنِي وَمَنْ خَلَقْتُ وَحِيدًا ١١} إلى قوله: {سَأُرْهِقُهُ صَعُودًا ١٧}⁣(⁣٤) وقوله: {تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ} على تكليف ما لا يطاق، وتقريره أنه تعالى أخبر عن شخص معين أنه لا يؤمن قط، فلو صدر منه الإيمان لزم انقلاب خبر الله عن الصدق كذباً، والكذب عند الخصم قبيح، وفعل القبيح يستلزم إما الجهل وإما الحاجة، وهما محالان على الله تعالى، والمفضي إلى المحال محال، فصدور الإيمان منه محال، فالتكليف به تكليف بالمحال، إلى قال بعد ذكره لصور في هذا المعنى مؤداها هذا التقرير الذي ذكرنا، قال: وهذا هو الكلام الهادم لأصول


(١) غافر (٣١).

(٢) البقرة (٦).

(٣) يس (٧).

(٤) المدثر (١٧).