فصل [وأما أنه يقع في ملكه ما لا يريد]
  وأيضا المحال لا يمكن وجوده في الخارج من المكلف، وكل ما لم يمكن وجوده في الخارج من المكلف لا يطلب، فالمحال لا يطلب.
  أما الأولى فضرورية، وأما الكبرى فلأن الطلب عبث قبيح، لا يجوز على الله تعالى كما تقرر في مسألة الحسن والقبح.
  وأيضاً لو سلم لهم ما قالوا في الآيات لم يضرنا، فإن غايته الإخبار من عالم الغيب بالواقع من اختياره، لترجيح جنبة الكفر على جنبة الإيمان، وذلك لا ينافي التمكن والاختيار.
  وأيضاً قد أكد الشارع ذلك بقوله تعالى: {لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا}(١) {لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا مَا آتَاهَا}(٢).
  وقد وافق العدلية(٣) في هذه المسألة الغزالي وابن الحاجب وأبو حامد وابن دقيق العيد.
فصل [وأما أنه يقع في ملكه ما لا يريد]
  قالت الجبرية: إن الله سبحانه يأمر وينهى بما لا يريد، لأنه لو أراد الإيمان من الكافر والطاعة من العاصي، وقد صدر الكفر من الكافر، والمعصية من العاصي لزم أن لا يحصل مراد الله، ويحصل مراد الكافر والعاصي، فيلزم أن يكون الله تعالى مغلوباً، والكافر والعاصي غالبين عليه، بل يلزم أن يكون أكثر ما يقع من العباد خلاف مراده تعالى والظاهر أنه لا يصبر على ذلك رئيس قرية من
(١) البقرة (٢٨٦).
(٢) الطلاق (٧).
(٣) وافقوهم في المنع من تكليف ما لا يطاق.