فصل [وأما أنه يقع في ملكه ما لا يريد]
  عباده، مع أنه قد أمر ونهى.
  أجابت العدلية: انه تعالى لو أمر العاصي بالطاعة، والمراد منه فعل الفساد والعدوان على العباد لكان قد أراد القبيح، وترك إرادة الحسن، وذلك قبيح عقلاً، فلا يصدر منه تعالى، وما ذكروه من لزوم كونه مغلوباً، والكافر والعاصي غالبين إنما يتم لو أراد إيقاعها منهم على أية حال طوعاً أو كرهاً، لكن المعلوم ضرورة أن لم يرد إلا إيقاعها منهم بالاختيار، فلا مغلوبية مع إرادتها باختيارهم.
  وأما أنه لا يصبر على ذلك رئيس قرية.
  فجوابه: أنه لا يحسن من الرئيس أمر غير انزال العقوبة بمن عصاه، والله سبحانه قد أعد للعصاة من العقاب ما أعده، وأيضاً قال تعالى: {إِنَّ اللَّهَ يَحْكُمُ مَا يُرِيدُ ١}(١) فيلزمكم أن الكفر والفسق والزنا واللواط والظلم، وكل فحش محكم لأن الله قد أراده، والآية ترد هذا، وقال تعالى: {وَلَا يَرْضَى لِعِبَادِهِ الْكُفْرَ}(٢) وقال تعالى: {وَإِنْ تَشْكُرُوا يَرْضَهُ لَكُمْ}(٣) فصريح هذا يدل على أن إرادته من لوازم أمره، وأنه لا يأمر وينهى إلا بما يريد، كيف وقد نعى الله سبحانه على المشركين مقالتهم: {لَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا أَشْرَكْنَا وَلَا آبَاؤُنَا} فقال: {كَذَلِكَ كَذَّبَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ حَتَّى ذَاقُوا بَأْسَنَا قُلْ هَلْ عِنْدَكُمْ مِنْ
(١) المائدة (١).
(٢) الزمر (٢).
(٣) الزمر (٢).