فصل [قول المجبرة: إنه سبحانه يفعل الفعل من دون غرض وحكمة]
  قال شارح الأناجيل: فأوحى الله إليه يا إبليس إنك ما عرفتني، ولو عرفتني لعلمت أنه لا اعتراض علي في شيء من أفعالي، فأنا الله لا إله إلا أنا، لا أسأل عما أفعل.
  وأعلم أنه لو اجتمع الأولون والآخرون من الخلائق، وحكموا بتحسين العقل وتقبيحه لم يجدوا عن هذه الشبهات مخلصاً، وكان الكل لازماً، وما أحسن ما قال بعضهم: جل جناب الجلال عن أن يوزن بميزان الإعتزال. انتهى كلام الرازي.
  ثم قالوا: وكيف في مطيع وكافر وطفل، وردوا يوم القيامة فقال المؤمن لربه تعالى: لم ألزمتني المشاق في الدنيا؟ فقال له: إني عرضتك بذلك لهذه المنازل التي أنت واصل إليها، ولولا تكليفي لم تصل إليها.
  فقال له الطفل: فهلا كلفتني لأصل إلى هذه المنازل؟
  فقال: لأني علمت أنك تكفر فتستحق النار فاقتصرت بك على العوض فاخترمتك.
  وقال له الكافر: فقد علمت مني أني أكفر فهلا اخترمتني كما اخترمت الطفل؟
  فيلزم أن الحجة لزمت الباري على مقتضى ما ذهب إليه الخصوم.
  أجابت العدلية: أن الفعل العاري عن الغرض عبث، والحكيم لا يفعله.
  ثم إن الله سبحانه وصف نفسه بالحكيم العليم، وإذا كان كذلك كان فعله حكمة وصواباً، وسواء علمنا وجه الحكمة أو جهلناها، قال