التحفة العسجدية فيما دار من الاختلاف بين العدلية والجبرية،

الحسن بن يحيى القاسمي (المتوفى: 1343 هـ)

فصل [قول المجبرة: إنه سبحانه يفعل الفعل من دون غرض وحكمة]

صفحة 35 - الجزء 1

  عليه تعالى شيئاً قال تعالى: {وَإِنْ كُنَّا لَمُبْتَلِينَ ٣٠}⁣(⁣١).

  وقضت حكمته بأن جعل هذه الدار دار عمل واختبار، والآخرة دار جزاء على الأعمال.

  وكذلك لا يلزم من مثال الطفل والكافر نقض الحكمة، لأنا وإن جهلنا وجه ذلك، فقد وصف نفسه تعالى بالحكمة والعلم.

  ثم إنا نقول: أما المؤمن فيجوز أن الحكمة والغرض في تكليفه لأجل ما حصل له من الثواب العظيم.

  والطفل اخترمه تفضلاً منه، ولا نوجب عليه التفضل للكافر لأن التفضل غير واجب، وتركه غير مخل بالحكمة، وأيضاً الحكمة في الإختبار، ولو اخترم كل عاص، لما تمت الحكمة في الإختبار والجزاء على الأعمال.

  ثم إن الأدلة قضت ان أفعاله لغرض صحيح، فلا نقصر الحكمة على ما فهمنا.

  ونفيكم أن أفعاله لا لغرض رد لصريح القرآن قال تعالى: {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ ٥٦}⁣(⁣٢) وقال: {أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خَلَقْنَاكُمْ عَبَثًا}⁣(⁣٣) {يُرِيدُ اللَّهُ لِيُبَيِّنَ لَكُمْ وَيَهْدِيَكُمْ}⁣(⁣٤) وقد هدى الكفار لكن لم يقبلوا {وَأَمَّا ثَمُودُ فَهَدَيْنَاهُمْ فَاسْتَحَبُّوا الْعَمَى عَلَى الْهُدَى}⁣(⁣٥) وقال


(١) المؤمنون (٤٣).

(٢) الذاريات (٥٦).

(٣) المؤمنون (١١٥).

(٤) النساء (٢٦).

(٥) فصلت (١٧).