فصل [في آيات أخر استدل بها الجبرية على الجواب جواب العدلية عن ذلك]
  {لِيُنْذِرَ مَنْ كَانَ حَيًّا وَيَحِقَّ الْقَوْلُ عَلَى الْكَافِرِينَ ٧٠}(١) {إِنَّكَ لَا تُسْمِعُ الْمَوْتَى وَلَا تُسْمِعُ الصُّمَّ الدُّعَاءَ}(٢) {أَمْوَاتٌ غَيْرُ أَحْيَاءٍ}(٣) {فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ فَزَادَهُمُ اللَّهُ مَرَضًا}(٤).
  واستدلوا بقوله تعالى {وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا اقْتَتَلَ الَّذِينَ مِنْ بَعْدِهِمْ}(٥) وقالوا تقدير الآية: ولو شاء الله أن لا يقتتلوا لم يقتتلوا، ثم قال تعالى: {وَلَكِنَّ اللَّهَ يَفْعَلُ مَا يُرِيدُ ٢٥٣} فيوفق من يشاء، ويخذل من يشاء، فلو كان يريد الإيمان من الكفار لفعل فيهم الإيمان، واستدلوا بقوله تعالى: {لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ}(٦) وما بمعناها، لأن أفعال العباد من جملة ما في السماوات وما في الأرض، فوجب كونها له، وإنما يصح أنها له لو كانت مخلوقة له.
  واستدلوا بقوله تعالى: {وَلَا يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّمَا نُمْلِي لَهُمْ خَيْرٌ لِأَنْفُسِهِمْ إِنَّمَا نُمْلِي لَهُمْ لِيَزْدَادُوا إِثْمًا}(٧).
  قالوا: إطالة المدة لا شك أنها من فعل الله، وهذا الإملاء نص أنه ليس بخير، فيدل أنه تعالى فاعل الخير والشر.
  وهذا الإملاء ليزدادوا الإثم بالبغي والعدوان، فدل على أن المعاصي بإرادة الله، واستدلوا بقوله تعالى: {وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ رَسُولٍ
(١) يس (٧٠).
(٢) النمل (٨٠).
(٣) النحل (٢١).
(٤) البقرة (١٠).
(٥) البقرة (٢٥٣).
(٦) البقرة (٢٨٤).
(٧) آل عمران (١٧٨).