تنبيه [قول الرازي في تضعيف الكسب]
  إِلَّا لِيُطَاعَ بِإِذْنِ اللَّهِ}(١) فدلت على أنه لا يوجد شيء من الخير والشر والكفر والإيمان، والطاعة والعصيان، إلا بإرادته، ولا يمكن أن يكون المراد من هذا الإذن (الأمر والتكليف) لأنه لا معنى لكونه رسولاً إلا أن الله أمر بطاعته، وهي غير الإذن، وإلا كان تكريراً، وهذا تصريح بأنه ما أراد من الكل طاعة الرسول، بل من الذي وفقه لا المجرمون.
  واستدلوا بما ورد من قوله تعالى {صُمٌّ بُكْمٌ عُمْيٌ}(٢) واستدلوا بقوله: {مَنْ يَشَإِ اللَّهُ يُضْلِلْهُ وَمَنْ يَشَأْ يَجْعَلْهُ عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ ٣٩}(٣) وما ورد من الضلال والهدى.
  واستدلوا بقوله تعالى: {وَكَذَلِكَ فَتَنَّا بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لِيَقُولُوا أَهَؤُلَاءِ مَنَّ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنْ بَيْنِنَا}(٤) فقد نسب الفتنة إليه تعالى، ولو كان الإيمان أيضاً من العبد ما من الله به عليه، بل هو المان على نفسه، واستدلوا بقوله تعالى: {كَذَلِكَ زُيِّنَ لِلْكَافِرِينَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ ١٢٢}(٥) وشبهها من ذكر التزيين.
  وقالوا: الله المزين لهم الكفر، واستدلوا بقوله تعالى: {وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا فِي كُلِّ قَرْيَةٍ أَكَابِرَ مُجْرِمِيهَا لِيَمْكُرُوا فِيهَا}(٦) قالوا: فدلت على أن الخير والشر بإرادة الله سبحانه.
(١) النساء (٦٤).
(٢) البقرة (١٨).
(٣) الأنعام (٣٩).
(٤) الأنعام (٥٣).
(٥) الانعام (١٢٢).
(٦) الأنعام (١٢٣).