التحفة العسجدية فيما دار من الاختلاف بين العدلية والجبرية،

الحسن بن يحيى القاسمي (المتوفى: 1343 هـ)

فصل [في تأويل آيات تعلقت بها المجبرة أيضا]

صفحة 49 - الجزء 1

  الحكم والتسمية، قال تعالى: {وَأَمَّا ثَمُودُ فَهَدَيْنَاهُمْ}⁣(⁣١) أي دعوناه ودليناهم، وقال: {وَالَّذِينَ اهْتَدَوْا زَادَهُمْ هُدًى}⁣(⁣٢) وقال: {يَهْدِيهِمْ رَبُّهُمْ بِإِيمَانِهِمْ}⁣(⁣٣) أي يثيبهم.

  وقال الشاعر:

  ما زال يهدي قومه ويضلنا ... جهراً وينسبنا إلى الكفار

  أي يحكم، فمعنى لا يهدي القوم الظالمين، أي لا يزيدهم بصيرة، أو لا يثيبهم، أو لا يحكم لهم بالهدى، أو لا يسميهم به.

  ومعنى {يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ} أي يفعل أحد هذه المعاني {يَجْعَلْهُ عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ ٣٩} كذلك، وله المنة أن هدانا للإيمان بالدعاء والعقل، وبعثة الرسل، وزيادة التنوير.

  وأما الضلال: فهو بمعنى الهلاك، وبمعنى العذاب، وبمعنى الغواية عن واضح الطريق.

  والإضلال أيضاً: بمعنى الإهلاك والتعذيب والإغواء، وبمعنى الحكم والتسمية، فمعنى {وَيُضِلُّ اللَّهُ الظَّالِمِينَ} و {مَنْ يَشَاءُ} أي يحكم عليهم بالضلال، ويسميهم به لما ضلوا عن طريق الحق، أو بمعنى يهلكهم، أو يعذبهم.

  وأما ما كان منسوباً إلى غيره تعالى فيجوز أغواهم وأضلهم عن


(١) فصلت (١٧).

(٢) محمد (١٧).

(٣) يونس (٩).