التحفة العسجدية فيما دار من الاختلاف بين العدلية والجبرية،

الحسن بن يحيى القاسمي (المتوفى: 1343 هـ)

فصل [في معنى قوله تعالى: {ولو شاء الله ما اقتتل}]

صفحة 53 - الجزء 1

  وأما قوله: {وَمَا تَشَاءُونَ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ}⁣(⁣١) فالله سبحانه قد شاء منا الإختيار قال تعالى: {فَمَنْ شَاءَ فَلْيُؤْمِنْ وَمَنْ شَاءَ فَلْيَكْفُرْ}⁣(⁣٢) وقوله: {وَلَوْ شِئْنَا لَآتَيْنَا كُلَّ نَفْسٍ هُدَاهَا}⁣(⁣٣) أي الزايد على الدعاء والدلالة {وَأَمَّا ثَمُودُ فَهَدَيْنَاهُمْ}⁣(⁣٤) ولكن قضت حكمته بالإختيار، ليتعلق الجزاء بالطاعة، والمعصية على حسب الإختيار منا.

  وأما قوله تعالى: {فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ}⁣(⁣٥) فيحتمل الحسد والغل للنبي ومن معه، أو الغم لما رأوا ثبات أمر النبي ÷، واستعلاء شأنه، أو كفرهم فزادهم الله غماً بسبب استعلاء أمر النبي، أو حسدًا بسبب ذلك، أو كفراً بسبب إنزال التكاليف، والآيات كقوله تعالى: {فَزَادَتْهُمْ رِجْسًا إِلَى رِجْسِهِمْ}⁣(⁣٦) ونسبته إلى الله لما كان هو السبب.

  وأما قوله تعالى: {وَيَمُدُّهُمْ فِي طُغْيَانِهِمْ يَعْمَهُونَ ١٥}⁣(⁣٧) يريد بيمدهم: أن يتركهم من فوائده، ومنحه التي يؤتيها المؤمنين ثواباً لهم، ويمنعها من الكافرين عقاباً، وذلك شرح صدور المؤمنين، وتنويره لقلوبهم.

  وأما قوله تعالى: {وَلَا يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ ١١٨ إِلَّا مَنْ رَحِمَ رَبُّكَ وَلِذَلِكَ خَلَقَهُمْ}⁣(⁣٨) فلفظة (ذلك) تحتمل رجوعها إلى الرحمة، لأنه تعالى


(١) التكوير (٢٩).

(٢) الكهف (٢٩).

(٣) السجدة (١٣).

(٤) فصلت (١٧).

(٥) البقرة (١٠).

(٦) التوبة (١٢٥).

(٧) البقرة (١٥).

(٨) هود (١١٩).