التحفة العسجدية فيما دار من الاختلاف بين العدلية والجبرية،

الحسن بن يحيى القاسمي (المتوفى: 1343 هـ)

فصل [في معنى قوله تعالى: {ولو شاء الله ما اقتتل}]

صفحة 56 - الجزء 1

  وأما قوله تعالى: {فَثَبَّطَهُمْ}⁣(⁣١) فإنما كسلهم لأن في خروجهم مفسدة.

  وأما قوله تعالى: {قُلْ لَنْ يُصِيبَنَا إِلَّا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَنَا}⁣(⁣٢) فمعناه في عاقبة أمرنا من الظفر بالعدو، والمقصود أن يظهر للمنافقين أن أحوال المسلمين وإن كانت مختلفة في السرور والغم، إلا أن في العاقبة الدولة لهم، والفتح فيكون ذلك إغتياظاً للمنافقين، ورداً عليهم في فرحهم.

  أو يكون المعنى ما قال الزجاج: إذا صرنا مغلوبين صرنا مستحقين للأجر العظيم، وإن صرنا غالبين صرنا مستحقين للثواب في الآخرة، وفزنا بالمال الكثير، والثناء الجميل في الدنيا، فمع هذا صارت تلك المصائب والمحزنات في جنب هذا محتملة.

  وفي الكشاف ما لفظه: واللام في قوله: {إِلَّا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَنَا} مفيدة معنى الإختصاص، كأنه قيل: لن يصيبنا إلا ما اختصنا الله بإثباته، وإيجابه من النصرة عليكم، أو الشهادة.

  وأما قوله تعالى: {إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ بِهَا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَتَزْهَقَ أَنْفُسُهُمْ وَهُمْ كَافِرُونَ ٥٥}⁣(⁣٣) فذلك عقوبة لهؤلاء المنافقين على كفرهم {وَمَا مَنَعَهُمْ أَنْ تُقْبَلَ مِنْهُمْ نَفَقَاتُهُمْ إِلَّا أَنَّهُمْ كَفَرُوا بِاللَّهِ وَبِرَسُولِهِ


(١) التوبة (٤٦).

(٢) التوبة (٥١).

(٣) التوبة (٥٥).