التحفة العسجدية فيما دار من الاختلاف بين العدلية والجبرية،

الحسن بن يحيى القاسمي (المتوفى: 1343 هـ)

فصل [في معنى قوله تعالى: {ولو شاء الله ما اقتتل}]

صفحة 57 - الجزء 1

  وَلَا يَأْتُونَ الصَّلَاةَ إِلَّا وَهُمْ كُسَالَى}⁣(⁣١) الآية.

  وأما قوله تعالى: {وَلِلَّهِ يَسْجُدُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ طَوْعًا وَكَرْهًا}⁣(⁣٢) أي ينقادون لأحداث ما أراده فيهم من أفعاله شاءوا أو أبوا لا يقدرون أن يمتنعوا عليه كالموت، والفقر والعمى والزمانة.

  وأما قوله تعالى: {وَاجْنُبْنِي وَبَنِيَّ أَنْ نَعْبُدَ الْأَصْنَامَ ٣٥}⁣(⁣٣) فمعناه ثبتنا، وأدمنا على اجتناب عبادتها بالألطاف والتوفيق.

  وأما قوله تعالى: {كَذَلِكَ نَسْلُكُهُ فِي قُلُوبِ الْمُجْرِمِينَ ١٢ لَا يُؤْمِنُونَ بِهِ}⁣(⁣٤) فالمراد إقامة الحجة، على المكذبين بأن الله سبحانه يسلك القرآن في قلوبهم، كما سلك ذلك في قلوب المؤمنين فكذب به هؤلاء، وصدق به هؤلاء كل على علم وفهم، لئلا يكون للكفار على الله حجة بأنهم ما فهموا وجوه الإعجاز، كما فهمها من آمن فأعلمه الله تعالى من الآن، وهم في مهلة وإمكان أنهم ما كفروا إلا على علم، معاندين غير معذورين، وهذا التفسير ذكره بعض المجبرة، إلا أنه يصلح للعدلية، ويجري على قواعدهم.

  وأما قوله تعالى: {أَفَمَنْ يَخْلُقُ كَمَنْ لَا يَخْلُقُ}⁣(⁣٥) وهم الأصنام {وَالَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ لَا يَخْلُقُونَ شَيْئًا وَهُمْ يُخْلَقُونَ ٢٠}⁣(⁣٦) وهذا من سياق نعمه تعالى، ونعي على عباد الأوثان وإنكار عليهم التسوية


(١) التوبة (٥٤).

(٢) الرعد (١٥).

(٣) إبراهيم (٣٥).

(٤) الحجر (١٢).

(٥) النحل (١٧).

(٦) النحل (٢٠).