فصل [في معنى قوله تعالى: {ولو شاء الله ما اقتتل}]
  وأما قوله تعالى: {وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوًّا مِنَ الْمُجْرِمِينَ}(١) فمعنى جعلنا حكمنا على الأنبياء بعداوة أهل الفسق والردة من المجرمين {لَا تَجِدُ قَوْمًا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ}(٢) واقتضى ذلك عداوة الكفار لهم، فهو سبحانه الحامل والداعي إلى ما استعقب تلك العداوة.
  وأما قوله تعالى: {وَقَيَّضْنَا لَهُمْ قُرَنَاءَ فَزَيَّنُوا لَهُمْ}(٣) يعني لمشركي مكة، لما تعاموا عن اتباع الحق، وتجاهلوا وهم يعلمون أنه الحق، وتمادوا قدرنا وأخرجنا لهم من الشياطين قرناء أخدانا، وخذلناهم بسبب ذلك فلم يبق لهم قرناء سوى الشياطين {وَمَنْ يَعْشُ عَنْ ذِكْرِ الرَّحْمَنِ نُقَيِّضْ لَهُ شَيْطَانًا}(٤) بسبب ذلك، ثم بين سبحانه أن بعضهم يزين لبعض، ولم يقل ليزينوا.
  وأما قوله تعالى: {وَاللَّهُ خَلَقَكُمْ وَمَا تَعْمَلُونَ ٩٦}(٥) فنذكر ما قاله الرازي في مفاتيح الغيب، لأنه منهم، قال ما لفظه: احتج جمهور الأصحاب بقوله: {وَاللَّهُ خَلَقَكُمْ وَمَا تَعْمَلُونَ ٩٦} على أن فعل العبد مخلوق لله تعالى، فقالوا(٦): النحويون اتفقوا على أن لفظ ما مع ما بعده في تقدير المصدر، فقوله: {وَمَا تَعْمَلُونَ} معناه وعملكم، وعلى هذا التقدير صار معنى الآية: والله خلقكم وخلق عملكم.
(١) الفرقان (٣١).
(٢) المجادلة (٢٢).
(٣) فصلت (٢٥).
(٤) الزخرف (٣٦).
(٥) الصافات (٩٦).
(٦) أي الأصحاب.