التحفة العسجدية فيما دار من الاختلاف بين العدلية والجبرية،

الحسن بن يحيى القاسمي (المتوفى: 1343 هـ)

فصل [في معنى قوله تعالى: {ولا ينفعكم نصحي}]

صفحة 61 - الجزء 1

  والثاني - أنه تعالى قال: {فَإِذَا هِيَ تَلْقَفُ مَا يَأْفِكُونَ ١١٧}⁣(⁣١) وليس المراد أنها تلقف نفس الإفك، بل أراد العصي والحبال التي هي متعلقات ذلك الإفك، فكذا هاهنا.

  الثالث - أن العرب تسمي محل العمل عملاً، يقال في الباب والخاتم: هذا عمل فلان، والمراد محل عمله.

  فثبت بهذه الوجوه الثلاثة أن لفظة ما مع ما بعدها كما تجيء بمعنى المصدر، فقد تجيء أيضاً بمعنى المفعول، فكان حمله هاهنا على المفعول أولى، لأن المقصود في هذه الآية تزييف مذهبهم في عبادة الأصنام، لا بيان أنهم لا يوجدون أفعال نفوسهم، لأن الذي جرى ذكره في أول الآية إلى هذا الموضع هو مسألة عبادة الأصنام لا خلق الأعمال.

  واعلم أن هذه السؤالات قوية، وفي دلائلنا كثرة.

  فالأولى ترك الاستدلال بهذه الآية. انتهى كلام الرازي، وقد أنصف هنا.

فصل [في معنى قوله تعالى: {وَلَا يَنْفَعُكُمْ نُصْحِي}]

  قالت العدلية: ليس في ظاهر قوله تعالى حكاية عن نوح: {وَلَا يَنْفَعُكُمْ نُصْحِي إِنْ أَرَدْتُ أَنْ أَنْصَحَ لَكُمْ إِنْ كَانَ اللَّهُ يُرِيدُ أَنْ


(١) الشعراء (٤٥).