[كلام ابن القيم في القدرية]
  شَكَرْتُمْ وَآمَنْتُمْ}(١)؟ قال: قد فعل ذلك بهم من غير ذنب جنوه بل ابتدأهم بالكفر، ثم عذبهم عليه، وليس للآية معنى.
  وقال بعض هؤلاء: وقد عوتب على ارتكابه معاصي الله، فقال: إن كنت عاصياً لأمره، فأنا مطيع لإرادته.
  وجرى عند بعض هؤلاء ذكر إبليس وإبائه، وامتناعه من السجود لآدم، فأخذ الجماعة يلعنونه، ويذمونه، فقال: إلى متى هذا اللوم، ولو خلي لسجد، ولكن منع، وأخذ يقيم عذره، فقال بعض الحاضرين: تباً لك أتذب عن الشيطان، وتلوم الرحمن.
  ومر بلص مقطوع اليد على بعض هؤلاء، فقال: مسكين مظلوم أجبره على السرقة، ثم قطع يده عليها.
  وقيل لبعضهم: أترى الله كلف عباده ما لا يطيقون، ثم يعذبهم عليه؟ قال: والله قد فعل ذلك، ولكن لا نجسر أن نتكلم.
  وقال بعض هؤلاء: ذنبة أذنبها أحب إلي من عبادة الملائكة، قيل: ولم؟ قال: لعلمي بأن الله قضاها علي وقدرها، ولم يقضها إلا والخيرة لي فيها.
  وقرأ قارئ بحضرة بعض هؤلاء {قَالَ يَا إِبْلِيسُ مَا مَنَعَكَ أَنْ تَسْجُدَ لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَيَّ}(٢) فقال: هو والله منعه، ولو قال إبليس ذلك لكان صادقاً، وقد أخطأ إبليس الحجة، ولو كنت حاضراً لقلت له أنت منعته.
(١) النساء (١٤٧).
(٢) ص (٧٥).