التحفة العسجدية فيما دار من الاختلاف بين العدلية والجبرية،

الحسن بن يحيى القاسمي (المتوفى: 1343 هـ)

فصل [احتجاج للعدلية يبطل قول الجبرية]

صفحة 80 - الجزء 1

  يَحْكُمُ مَا يُرِيدُ ١}⁣(⁣١) {صُنْعَ اللَّهِ الَّذِي أَتْقَنَ كُلَّ شَيْءٍ}⁣(⁣٢) {مَا تَرَى فِي خَلْقِ الرَّحْمَنِ مِنْ تَفَاوُتٍ}⁣(⁣٣).

  وإذا كان الكفر والفسق والزنا واللواط، وتظالم العباد خلقه تعالى، كانت محكمة متقنة لا تفاوت فيها، والمعلوم خلاف ذلك.

  وأيضاً القرآن كله لم يكن فيه آية، أو شطر آية، تنص على أنه لم يكن المانع للكافرين من الإيمان، إلا أنه خلق فيهم الكفر وأوجده.

  وأما الأخبار التي يروونها في القدر والجبر، وشحنوا بها كتبهم، فهي لا تقبل ممن يجر إلى بدعته، كما هي القاعدة، وإنما يقبل في هذا الباب ما اتفق عليه أهل العدل وأهل الجبر، وحينئذ يكون حكمها حكم الآيات في التأويل.

  وأيضاً مما يدل على أن ما أصلوه مخالف لبديهة عقولهم، ومخالف للضرورة أنهم يجرون مع العدلية في تصرفاتهم ووعظهم، وفقههم، وقراءتهم، وتأليفهم في النحو والصرف والمعاني والبيان، فلا يلتفتون إلى ما أسسوه إلا في مسارح الخلاف، وفي غير ذلك نادر، بل رضاهم وغضبهم في المحاورة والمخاصمة، الخارجية يجرونها على أصل الفطرة، ولا ينتبهون⁣(⁣٤) لقاعدتهم، حتى لو صفعت أحدهم، وأخذت شيئاً من ماله، أو تناولت من عرضه، لرأيته يشن


(١) المائدة (١).

(٢) النمل (٨٨).

(٣) الملك (٣).

(٤) في الأم يجروها على أصل الفطرة ولا ينتبهوا.