التحفة العسجدية فيما دار من الاختلاف بين العدلية والجبرية،

الحسن بن يحيى القاسمي (المتوفى: 1343 هـ)

فصل [احتجاج للعدلية يبطل قول الجبرية]

صفحة 81 - الجزء 1

  عليك الغارة، ويذهب عليه ما أصلوه في المفازة.

  وأيضاً لو كان ما أصلوه حقاً، مما قدمناه عنهم لم يكن حينئذ فرق بين الظلم والعدل، ولا بين الحكمة والعبث، ولا بين الحسن والقبيح، ولا بين العلم والجهل، ولا بين الصدق والكذب، بل كلها سواء على أصولهم، والمعلوم بالضرورة أن ثم فرقاً بين ما ذكر، وأيضاً لم يَرِد سبحان خالق الصلاة، سبحان خالق الزنا، سبحان خالق اللواط، كما ورد سبحان خالق السماوات، وصح سبحان خالق الشيطان والكلب والخنزير.

  والعجب من أهل الفطنة من علمائهم، أنه يمر على الآيات الكثيرة، الناصة على قول أهل العدل، فلا يتأمل لما فيها من الدلالة على صحة القول بالعدل، مع كثرة ذلك وصراحته، وموافقته لما دل عليه بديهة عقولهم، بل يتأملون في بعض تلك الآيات لما فيها من علم العربية فقط، وإذا مروا على آية تقوي شبهة الجبر، مع ندورها، وما فيها من الإحتمال أطالوا فيها التأمل، والإستخراج لما يخالف في الحقيقة النصوص القرآنية، والبديهات العقلية.

  ومما يدل على ضعف مذهب الجبر وفساده أن النقاد من المجبرة رجعوا عنه في أواخر أيامهم كالغزالي، روي ذلك في مطلع البدور، وعد من رجال الزيدية، وكذلك الفخر الرازي، روى ذلك الإمام