التحفة العسجدية فيما دار من الاختلاف بين العدلية والجبرية،

الحسن بن يحيى القاسمي (المتوفى: 1343 هـ)

فصل [مما استدلت به العدلية من الآيات]

صفحة 85 - الجزء 1

  أنهم ما افتروا، لأن ذلك خلقه وهو مريد له تعالى.

  وقوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ آذَوْا مُوسَى فَبَرَّأَهُ اللَّهُ مِمَّا قَالُوا}⁣(⁣١) ولابد في الأذية والبراء من التغاير، وعلى الجبر هما واحد لأنهما خلقه، وإرادته، لكن يقال: فلم نهى المؤمنين، وذم قوم موسى؟.

  وقوله تعالى: {وَالَّذِينَ سَعَوْا فِي آيَاتِنَا مُعَاجِزِينَ}⁣(⁣٢) وعلى الجبر أنه المعاجز لنفسه، لأنه خلقه، ولا وجه للذم على الجبر.

  وقوله تعالى: {إِلَّا مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالْإِيمَانِ}⁣(⁣٣) فأخبر أن لا يعاقب على الإكراه. فلو كانت المعاصي خلق الله لما عاقب عليها لعدم الإختيار.

  وقوله تعالى: {وَالَّذِينَ يُحَاجُّونَ فِي اللَّهِ مِنْ بَعْدِ مَا اسْتُجِيبَ لَهُ حُجَّتُهُمْ دَاحِضَةٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ}⁣(⁣٤) فلو كان سبحانه خلق المحاجة هذه لما توعدهم على ذلك وذمهم، وكان المعنى: حجتي داحضة، وذلك خطل من القول.

  وقوله تعالى: {يُرِيدُونَ أَنْ يُطْفِئُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَيَأْبَى اللَّهُ}⁣(⁣٥) وعلى الجبر يكون المعنى أريد لأطفئ نوري، وأنا أأبي ذلك، ويكون هو المطفئ والآبي، ولا وجه حينئذ للذم، وهذا غير معقول.


(١) سبأ (٦٩).

(٢) الحج (٥١).

(٣) النحل (١٠٦).

(٤) الشورى (١٦).

(٥) التوبة (٣٢).