فصل [قول العدلية: لو كان فعل العبد خلقا لله لما نسب الأعمال إليهم]
  قال بعض العدلية: أيرتاب في هذه النصوص، ولا يرتاب في قول مخلوق من مشائخ الجبرية، والقرآن محكم، على التوراة والإنجيل، ولا يحكم على قول جبري {وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ فَاخْتُلِفَ فِيهِ وَلَوْلَا كَلِمَةٌ سَبَقَتْ مِنْ رَبِّكَ لَقُضِيَ بَيْنَهُمْ وَإِنَّهُمْ لَفِي شَكٍّ مِنْهُ مُرِيبٍ ١١٠}(١) {قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَكُمُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكُمْ فَمَنِ اهْتَدَى فَإِنَّمَا يَهْتَدِي لِنَفْسِهِ وَمَنْ ضَلَّ فَإِنَّمَا يَضِلُّ عَلَيْهَا وَمَا أَنَا عَلَيْكُمْ بِوَكِيلٍ ١٠٨ وَاتَّبِعْ مَا يُوحَى إِلَيْكَ وَاصْبِرْ حَتَّى يَحْكُمَ اللَّهُ وَهُوَ خَيْرُ الْحَاكِمِينَ ١٠٩}(٢).
  وقال تعالى: {وَمَنْ يَعْمَلْ مِنَ الصَّالِحَاتِ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَا يَخَافُ ظُلْمًا وَلَا هَضْمًا ١١٢}(٣) فجعل عدم جزائه للعامل على عمله ظلماً، خلاف ما يزعمونه من نفي الحكمة، وجواز إثابة الكافر وعقاب المؤمن فناقضوا الآية.
  نعم: ونسب الله العمل فيها إلى العبد، ورتب على هذه النسبة كون عدم الجزاء لفاعلها ظلماً، وهذا أعظم شاهد على أن العمل من العبد وإلا لم يكن ترك الجزاء عليه ظلماً إذ لا يكون عدم جزائه على ما ليس لنا فيه تأثير ظلماً، كما لا يكون ظالماً في عدم جزاء القصير على قصره، والأسود على سواده.
(١) هود (١١٠).
(٢) يونس (١٠٨ - ١٠٩).
(٣) طه (١١٢).